للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يقولون: ﴿أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (٤١) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٢)[الشعراء]،

﴿قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ أي: لا تخيلوا للناس بأعمالكم إيجاد أشياء لا حقائق لها وأنها مخلوقة، وليست مخلوقة، فتكونون قد كذبتم على الله ﴿فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ﴾ أي: يهلككم بعقوبة هلاكًا لا [بقية] (١) له ﴿وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى (٦١) فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ﴾ قيل: معناه أنهم تشاجروا فيما بينهم، فقائل يقول: ليس هذا بكلام ساحر إنما هذا كلام نبي، وقائل يقول: بل هو ساحر، وقيل غير ذلك، والله أعلم.

وقوله: ﴿وَأَسَرُّوا النَّجْوَى﴾ أي: تناجوا فيما بينهم

﴿قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ﴾ وهذه لغة لبعض العرب جاءت هذه القراءة على إعرابها، ومنهم من قرأ: ﴿إنَّ هذين لسامران﴾ (٢) وهذه اللغة المشهورة، وقد توسع النحاة في الجواب عن القراءة الأولى بما ليس هذا موضعه. والغرض أن السحرة قالوا فيما بينهم: تعلمون أن هذا الرجل وأخاه - يعنون موسى وهارون - ساحران عالمان، خبيران بصناعة السحر، يريدان في هذا اليوم أن يغلباكم وقومكم ويستوليا على الناس، وتتبعهما العامة، ويقاتلا فرعون وجنوده، فينصرا عليه، ويخرجاكم من أرضكم.

وقوله: ﴿وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى﴾ أي: ويستبدّا بهذه الطريقة وهي السحر، فإنهم كانوا معظمين بسببها لهم أموال وأرزاق عليها، يقولون: إذا غلب هذان أهلكاكم وأخرجاكم من الأرض، وتفردا بذلك وتمحضت لهما الرياسة بها دونكم، وقد تقدم في حديث الفتون أن ابن عباس قال في قوله: ﴿وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى﴾ يعني: ملكهم الذي هم فيه والعيش.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا نعيم بن حماد، حدثنا هشيم، عن عبد الرحمن بن إسحاق، سمع الشعبي يحدث عن علي في قوله: ﴿وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى﴾ قال: يصرفا وجوه الناس إليهما (٣).

وقال مجاهد: ﴿وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى﴾ قال: أولو الشرف والعقل والأسنان (٤).

وقال أبو صالح: ﴿بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى﴾ أشرافكم وسرواتكم (٥).

وقال عكرمة: بخيركم (٦).

وقال قتادة: وطريقتهم المثلى يومئذٍ بنو إسرائيل، وكانوا أكثر القوم عددًا وأموالًا، فقال عدو الله: يريدان أن يذهبا بها لأنفسهما (٧).

وقال عبد الرحمن بن زيد: ﴿بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى﴾ بالذي أنتم عليه (٨).


(١) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل بياض.
(٢) القراءتان متواترتان.
(٣) أخرجه الطبري من طريق هشيم به، وسنده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن إسحاق وهو الواسطي، وقيل: كوفي (التقريب ص ٣٣٦).
(٤) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح.
(٦) عزاه السيوطي في الدر المنثور إلى عبد بن حميد.
(٧) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٨) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن.