للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا حنانًا والأواه والرقيم (١).

وقال ابن جريج: أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع عكرمة يقول: قال ابن عباس: ما أدري ما الرقيم؟ كتاب أم بنيان (٢).

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: الرقيم الكتاب (٣). وقال سعيد بن جبير: الرقيم لوح من حجارة كتبوا فيه قصص أصحاب الكهف، ثم وضعوه على باب الكهف (٤).

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: الرقيم الكتاب، ثم قرأ: ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ (٩)[المطففين] (٥). وهذا هو الظاهر من الآية، وهو اختيار ابن جرير، قال: الرقيم فعيل بمعنى مرقوم، كما يقال للمقتول قتيل، وللمجروح جريح، والله أعلم.

وقوله: ﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (١٠)﴾ يخبر تعالى عن أولئك الفتية الذين فروا بدينهم من قومهم لئلا يفتنوهم عنه فهربوا منهم فلجأوا إلى غار في جبل ليختفوا عن قومهم، فقالوا حين دخلوا سائلين من الله تعالى رحمته ولطفه بهم: ﴿رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً﴾ أي: هَب لنا من عندك رحمة ترحمنا بها وتسترنا عن قومنا ﴿وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ أي: وقدِّر لنا من أمرنا هذا رشدًا؛ أي: اجعل عاقبتنا رشدًا، كما جاء في الحديث: "وما قضيت لنا من قضاء فاجعل عاقبته رشدًا" (٦).

وفي المسند من حديث بُسر بن أرطاة عن رسول الله أنه كان يدعو: "اللَّهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلِّها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة" (٧).

وقوله: ﴿فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (١١)﴾ أي: ألقينا عليهم النوم حين دخلوا إلى الكهف فناموا سنين كثيرة،

﴿ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ﴾ أي: من رقدتهم تلك، وخرج أحدهم بدراهم معه ليشتري لهم بها طعامًا يأكلونه كما سيأتي بيانه وتفصيله، ولهذا قال: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ﴾


(١) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه، وفي رواية سماك عن عكرمة اضطراب ولكنه توبع في الرواية التالية، فسنده حسن.
(٢) أخرجه القاضي البستي بسند صحيح عن ابن أبي عمر، وهو العدني، عن سفيان عن عمرو بن أبي دينار به، وأخرجه الطبري من طريق الحسين عن حجاج عن ابن جريج به، وفي سنده الحسين وهو ابن داود: ضعيف ويتقوى بسابقه.
(٣) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٤) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق ابن قيس عن سعيد بن جبير.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب، وهو عبد الله، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم به وأطول.
(٦) أخرجه الإمام أحمد من حديث عائشة كاملًا وما ورد هو من آخر الحديث، وصحح سنده محققوه (المسند ٤٢/ ٦٧ ح ٢٥١٣٧)، وكذا أخرجه البخاري في الأدب المفرد (ح ٦٣٩) وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (ح ٤٩٧).
(٧) أخرجه الإمام أحمد وقال محققوه: رجاله موثقون غير أيوب بن ميسرة فقد روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في الثقات، وبسر بن أرطاة مختلف في صحبته (المسند ٢٩/ ١٧٠، ١٧١ ح ١٧٦٢٨)، وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٣/ ٥٩١)، وقال الهيثمي: ورجال أحمد ثقات (مجمع الزوائد ١٠/ ١٨١).