للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

- قال النبي فأكون أول من يدعى، وجبريل عن يمين الرحمن والله ما رآه قبلها، فأقول: أي ربِّ إن هذا أخبرني أنك أرسلته إليَّ، فيقول الله ﷿، صدق ثم أشفع فأقول: يا ربِّ عبادك عبدوك في أطراف الأرض، قال: فهو المقام المحمود" (١). وهذا حديث مرسل.

﴿وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (٨٠) وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (٨١)﴾.

قال الإمام أحمد: حدثنا جرير، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس قال: كان النبي بمكة ثم أُمر بالهجرة، فأنزل الله ﴿وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (٨٠)(٢). وقال الترمذي: حسن صحيح (٣).

وقال الحسن البصري في تفسير هذه الآية: إن كفار أهل مكة لما ائتمروا برسول الله ليقتلوه أو يطردوه أو يوثقوه، فأراد الله قتال أهل مكة، أمره أن يخرج إلى المدينة، فهو الذي قال الله ﷿: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ﴾ (٤).

وقال قتادة: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ﴾ يعني: المدينة ﴿وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ﴾ يعني: مكة (٥)، وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (٦)، وهذا القول هو أشهر الأقوال. وقال العوفي عن ابن عباس ﴿أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ﴾ يعني: الموت ﴿وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ﴾ يعني: الحياة بعد الموت (٧)، وقيل غير ذلك من الأقوال، والأول أصح، وهو اختيار ابن جرير (٨).

وقوله: ﴿وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا﴾ قال الحسن البصري في تفسيرها: وعده ربه لينزعن ملك فارس وعزَّ فارس وليجعلنه له، وملك الروم وعز الروم وليجعلنه له (٩).

وقال قتادة فيها: إن نبي الله علم أن لا طاقة له بهذا الأمر إلا بسلطان، فسأل سلطانًا نصيرًا لكتاب الله، ولحدود الله، ولفرائض الله، ولإقامة دين الله، فإن السلطان رحمة من الله جعله بين أظهر عباده، ولولا ذلك لأغار بعضهم على بعض فأكل شديدهم ضعيفهم (١٠).


(١) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه، وهو مرسل وأخرجه الطبري من طريق عبد الرزاق به، وأخرجه الحاكم موصولًا من طريق الزهري عن علي بن الحسين عن جابر مرفوعًا وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٥٧٠، ٥٧١)، وأخرجه ابن أبي حاتم (كما في الفتح ٨/ ٤٠٠) والحاكم من طريق علي بن الحسين عن رجل من أهل العلم، وقال الحافظ ابن حجر: ورجاله ثقات وهو صحيح إن كان الرجل صحابيًا (فتح الباري ٨/ ٤٠٠).
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وضعف سنده محققوه لضعف قابوس (المسند ٣/ ٤١٧ ح ١٩٤٨)، وصححه أحمد شاكر (المسند ح ١٩٤٨).
(٣) السنن، التفسير، باب ومن سورة بني إسرائيل (ح ٣١٣٩)، وأخرجه الحاكم من طريق قابوس به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٣/ ٣) وضعفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي (ح ٦١١).
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عوف الأعرابي عن الحسن لكنه مرسل ويتقوى بالمرسل التالي.
(٥) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة، لكنه مرسل ويتقوى بالمرسل السابق.
(٦) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن.
(٧) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(٨) ذكره الطبري.
(٩) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عوف الأعرابي عن الحسن.
(١٠) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.