قال: ثم أتى على خشبة على الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ولا شيء إلا خرقته، قال:"ما هذا يا جبريل؟ " قات: هذا مثل أقوام أُمتك يقعدون على الطريق فيقطعونها، ثم تلا: ﴿وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ﴾ [الأعراف: ٨٦].
قال: ثم أتى على رجل قد جمع حزمة حطب عظيمة لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها، فقال:"ما هذا يا جبريل؟ " قال: هذا الرجل من أُمتك يكون عليه أمانات للناس لا يقدر على أدائها وهو يريد أن يحمل عليها.
ثم أتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم؛ مقاريض من حديد، كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شيء، فقال:"ما هذا يا جبريل؟ " فقال: هؤلاء خطباء الفتنة.
ثم أتى على جحر صغير يخرج منه ثور عظيم، فجعل الثور يريد أن يرجع من حيث خرج فلا يستطيع، فقال:"ما هذا يا جبريل؟ " فقال: هذا الرجل يتكلم بالكلمة العظيمة ثم يندم عليها فلا يستطيع أن يردَّها.
ثم أتى على وادٍ، فوجد ريحًا طيبة باردة وريح مسك وسمع صوتًا، فقال: يا جبريل "ما هذه الريح الطيبة الباردة، وما هذا المسك، وما هذا الصوت؟ " قال: هذا صوت الجنة تقول: يا ربِّ ائتني بما وعدتني فقد كثرت غرفي وإستبرقي، وحريري وسندسي، وعبقري (١) ولؤلؤي، ومرجاني وفضتي وذهبي، وأكوابي وصحافي وأباريقي ومراكبي، وعسلي ومائي ولبنى وخمري، فائتني بما وعدتني، فقال: لك كل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة، ومن آمن بي وبرسلي وعمل صالحًا ولم يشرك بي شيئًا، ولم يتخذ من دوني أندادًا، ومن خشيني فهو آمن، ومن سألني أعطيته، ومن أقرضني جزيته، ومن توكل عليَّ كفيته، إني أنا الله لا إله إلا أنا لا أخلف الميعاد، وقد أفلح المؤمنون تبارك الله أحسن الخالقين، قالت: قد رضيت.
قال: ثم أتى على وادٍ فسمع صوتًا منكرًا ووجد ريحًا خبيثة، فقال:"ما هذا يا جبريل وما هذا الصوت؟ " فقال: هذا صوت جهنم تقول: يا ربِّ ائتني بما وعدتني فقد كثرت سلاسلي، وأغلالي وسعيري، وحميمي، وضريعي وغساقي وعذابي، وقد بعد قعري واشتد حري، فائتني بما وعدتني، قال: لك كل مشرك ومشركة، وكافر وكافرة، وكل خبيث وخبيثة، وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب، قالت: قد رضيت.
قال: ثم سار حتى أتى بيت المقدس فنزل فربط فرسه إلى الصخرة، ثم دخل فصلى مع الملائكة، فلما قضيت الصلاة قالوا: يا جبريل من هذا معك؟ قال: محمد ﷺ، قالوا: أوَقد أرسل إليه فقال: نعم، قالوا: حياه الله من أخ ومن خليفة فنعم الأخ، ونعم الخليفة، ونعم المجيء جاء. قال: ثم لقي أرواح الأنبياء فأثنوا على ربهم، فقال إبراهيم ﵇: الحمد لله الذي اتخذني خليلًا، وأعطاني ملكًا عظيمًا، وجعلني أُمة قانتًا يؤتم بي، وأنقذني من النار وجعلها عليَّ بردًا وسلامًا، ثم إن موسى ﵇ أثنى على ربه فقال: الحمد لله الذي كلمني تكليمًا، وجعل هلاك آل فرعون ونجاة بني إسرائيل على يدي، وجعل من أمتي قومًا يهدون بالحق وبه يعدلون، ثم إن