للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: جبريل، قالوا: ومن معك؟ قال: محمد، قالوا: وقد بعث إليه؟ قال: نعم، ففتحوا له، وقالوا: مرحبًا بك وبمن معك وإذا فيها إبراهيم فقال جبريل: يا محمد ألا تسلم على أبيك إبراهيم؟ قلت: بلى، فأتيته فسلمت عليه فردَّ عليَّ السلام وقال: مرحبًا بابني الصالح والنبي الصالح، ثم انطلق بي على ظهر السماء السابعة حتى انتهى بي إلى نهر عليه خيام اللؤلؤ والياقوت والزبرجد، وعليه طير أخضر أنعم طير رأيت، فقلت: يا جبريل إن هذا الطير لناعم. قال: يا محمد آكله أنعم منه، ثم قال: يا محمد أتدري أي نهر هذا؟ قال: قلت: لا، قال: هذا الكوثر الذي أعطاك الله إياه، فإذا فيه آنية الذهب والفضة يجري على رضراض (١) من الياقوت والزمرد ماؤه أشد بياضأ من اللبن -قال-: فأخذت من آنيته آنية من الذهب، فاغترفت من ذلك الماء فشربت فإذا هو أحلى من العسل وأشد رائحة من المسك.

ثم انطلق بي حتى انتهيت إلى الشجرة فغشيتني سحابة فيها من كل لون فرفضني (٢) جبريل وخررت ساجدًا لله ﷿ فقال الله لي: يا محمد إني يوم خلقت السموات والأرض افترضت عليك وعلى أمتك خمسين صلاة، فقم بها أنت وأُمتك، قال: ثم انجلت عني السحابة فأخذ بيدي جبريل فانصرفت سريعًا، فأتيت على إبراهيم فلم يقل شيئًا، ثم أتيت على موسى فقال: ما صنعت يا محمد؟ فقلت: فرض ربي عليَّ وعلى أُمتي خمسين صلاة. قال: فلن تستطيعها أنت ولا أُمتك فارجع إلى ربك فاسأله أن يخفف عنك، فرجعت سريعًا حتى انتهيت إلى الشجرة فغشيتني السحابة ورفضني جبريل وخررت ساجدًا وقلت: ربي إنك فرضت عليَّ وعلى أُمتي خمسين صلاة ولن أستطيعها أنا ولا أُمتي فخفِّف عنا، قال: وضعت عنكم عشرًا، قال: ثم انجلت عني السحابة وأخذ بيدي جبريل، قال: فانصرفت سريعًا حتى أتيت على إبراهيم فلم يقل لي شيئًا، ثم أتيت على موسى فقال لي: ما صنعت يا محمد؟ فقلت: وضع عني ربي عشرًا. قال: فأربعون صلاة لن تستطيعها أنت ولا أمتك فارجع إلى ربك فاسأله أن يخفف عنكم. فذكر الحديث كذلك إلى خمس صلوات وخمس بخمسين، ثم أمره موسى أن يرجع فيسأله التخفيف فقال: "إني استحييت منه تعالى".

قال: ثم انحدر فقال رسول الله لجبريل: "ما لي لم آت أهل سماء إلا رحبوا بي وضحكوا لي غير رجل واحد فسلمت عليه فردَّ عليَّ السلام ورحَّب بي ولم يضحك لي" قال: يا محمد ذاك مالك، خازن جهنم، لم يضحك منذ خلق ولو ضحك إلى أحد لضحك إليك، قال: ثم ركب منصرفًا فبينا هو في بعض الطريق مرَّ بعير لقريش تحمل طعامًا، منها جمل عليه غرارتان غرارة سوداء وغرارة بيضاء، فلما حاذى بالعير نفرت منه واستدارت وصرع ذلك البعير وانكسر، ثم إنه مضى فأصبح فأخبر عما كان، فلما سمع المشركون قوله أتوا أبا بكر فقالوا: يا أبا بكر هل لك في صاحبك؟ يخبر أنه أتى في ليلته هذه مسيرة شهر ورجع في ليلته، فقال أبو بكر : إن كان قاله فقد صدق وإنا لنصدقه فيما هو أبعد من هذا لنصدقه على خبر السماء. فقال المشركون لرسول الله : ما علامة ما تقول؟ قال: مررت بعير لقريش هي في مكان كذا وكذا فنفرت


(١) أي: الحصى الصغار.
(٢) أي: تركني.