للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الدر والياقوت، وأوحي إلي ما شاء الله أن يوحى". ثم قال: ولا نعلم روى هذا الحديث إلا أنس، ولا نعلم رواه عن أبي عمران الجوني إلا الحارث بن عبيد، وكان رجلًا مشهورًا من أهل البصرة (١).

ورواه الحافظ البيهقي في الدلائل عن أبي بكر القاضي، عن أبي جعفر محمد بن علي بن دحيم، عن محمد بن الحسين بن أبي الحسين، عن سعيد بن منصور؛ فذكره بسنده مثله، ثم قال: وقال غيره في هذا الحديث في آخره: ولط دوني، أو قال: دون الحجاب رفرف الدر والياقوت، ثم قال: هكذا رواه الحارث بن عبيد (٢)، ورواه حماد بن سلمة، عن أبي عمران الجوني، عن محمد بن عمير بن عطارد، أن النبي كان في ملأٍ من أصحابه، فجاءه جبريل فنكت في ظهره، فذهب به إلى الشجرة وفيها مثل وكري الطير، فقعد في أحدهما وقعد جبريل في الآخر، فنشأت بنا حتى بلغت الأفق، فلو بسطت يدي إلى السماء لنلتها، فدُلِّي بسبب، وهبط النور، فوقع جبريل مغشيًا عليه كأنه حلس، فعرفت فضل خشيته على خشيتي، فأوحي إلي: نبيًا ملكًا أو نبيًا عبدًا وإلى الجنة ما أنت؟ فأومأ إليّ جبريل وهو مضطجع أن تواضع. قال: قلت: لا بل نبيًا عبدًا (٣).

قلت: وهذا إن صح يقتضي أنها واقعة غير ليلة الإسراء، فإنه لم يذكر فيها بيت المقدس ولا الصعود إلى السماء فهي كائنة غير ما نحن فيه، والله أعلم.

وقال البزار أيضًا: حدثنا عمرو بن عيسى حدثنا أبو بحر، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس أن محمدًا رأى ربه ﷿ (٤)، وهذا غريب.

وقال أبو جعفر بن جرير: حدثنا يونس، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن الزهري، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن أنس بن مالك قال: لما جاء جبريل إلى رسول الله بالبراق فكأنها حركت ذنبها، فقال لها جبريل: مه يا براق فوالله إن ركبك مثله (٥)، وسار رسول الله فإذا هو بعجوز على جانب الطريق فقال: "ما هذه يا جبريل؟ " قال: سر يا محمد، قال: فسار ما شاء الله أن يسير؛ فإذا شيء يدعوه متنحيًا عن الطريق فقال: هلمَّ يا محمد، فقال له جبريل: سر يا محمد فسار ما شاء الله أن يسير، قال: فلقيه خلق من خلق الله فقالوا: السلام عليك (يا أول)، السلام عليك (يا آخر)، السلام عليك يا حاشر، فقال له جبريل: اردد السلام يا محمد فردَّ السلام، ثم لقيه الثانية فقال له مثل مقالته


(١) أخرجه البزار كما في كشف الأستار (ح ٥٨) وقال الهيثمي: رواه البزار والطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد ١/ ٨٠) ولكن الحارث بن عبيد له مناكير، وهذا الحديث منها؛ هكذا قرر الحافظ ابن حجر (مختصر زوائد البزار ١/ ٩٥).
(٢) دلائل النبوة ٢/ ٣٦٩، وفي سنده أيضًا الحارث بن عبيد.
(٣) دلائل النبوة ٢/ ٣٦٩ وقد جزم البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان والعسكري بأنه مرسل (ينظر لسان الميزان ٥/ ٣٣٠).
(٤) سنده ضعيف ومتنه غريب مخالف لما في الصحيحين كما تقدم، وفيه أبو بحر وهو عبد الرحمن بن عثمان بن أمية البكراوي ضعيف (التقريب ص ٣٤٦).
(٥) إن هنا نافية فيكون المعنى: ما ركبك مثله.