للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بحر، حدثنا سعيد بن محمد الجرمي، حدثنا أبو بشر يقال له: ابن المزلق، قال: وكان ثقة، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله : "إن لله عبادًا يعرفون الناس بالتوسم] (١) " (٢).

وقوله: ﴿وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (٧٦)﴾ أي: وإن قرية سدوم التي أصابها ما أصابها من القلب الصوري والمعنوي والقذف بالحجارة، حتى صارت بحيرة منتنة خبيثة بطريق مهيع مسالكه مستمرة إلى اليوم، كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٣٨)[الصافات].

وقال مجاهد والضحاك: ﴿وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (٧٦)﴾ قال: معلم (٣).

وقال قتادة: بطريق واضح (٤).

وقال قتادة أيضًا: بصقع من الأرض واحد.

وقال السدي: بكتاب مبين، يعني كقوله: ﴿وكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ [يس: ١٢] ولكن ليس المعنى على ما قال ههنا، والله أعلم.

وقوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٧٧)﴾ أي: إن الذي صنعنا بقوم لوط من الهلاك والدمار وإنجائنا لوطًا وأهله لدلالة واضحة جلية للمؤمنين بالله ورسوله.

﴿وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (٧٨) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ (٧٩)﴾.

أصحاب الأيكة: هم قوم شعيب.

قال الضحاك وقتادة وغيرهما: الأيكة: الشجر الملتف (٥).

وكان ظلمهم بشركهم بالله وقطعهم الطريق ونقصهم المكيال والميزان،

فانتقم الله منهم بالصيحة والرجفة وعذاب يوم الظلة، وقد كانوا قريبًا من قوم لوط بعدهم في الزمان، ومسامتين لهم في المكان، ولهذا قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ﴾ أي: طريق مبين.

قال ابن عباس ومجاهد والضحاك وغيره: طريق ظاهر (٦)، ولهذا لما أنذر شعيب قومه قال في نذارته إياهم: ﴿وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ﴾ [هود: ٨٩].


(١) ما بين معقوفين زيادة من (حم) و (مح).
(٢) أخرجه البزار بسنده ومتنه، وحسنه الحافظ ابن حجر (مختصر زوائد مسند البزار ٢/ ٥٠٦ ح ٢٣٠٢) وحسنه الهيثمي (مجمع الزوائد ١٠/ ٢٦٨).
(٣) قول مجاهد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول الضحاك أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه إبهام شيخ الطبري.
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٥) قول قتادة أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق عمرو بن عبد الله عنه ومعناه صحيح، وقول الضحاك أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه إبهام شيخ الطبري، بنحوه.
(٦) قول ابن عباس أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق عطية العوفي ويتقوى برواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس بلفظ: "على الطريق"، أخرجه الطبري أيضًا، وقول مجاهد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه بلفظ: "بطريق مَعْلَم"، وقول الضحاك أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه إبهام شيخ الطبري بنحوه.