للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حين (١). وقال مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك وقتادة وابن زيد: هم كفار قريش الذين قتلوا يوم بدر (٢). وكذا رواه مالك في تفسيره، عن نافع، عن ابن عمر (٣).

وقوله: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ﴾ أي: جعلوا له شركاء عبدوهم معه، ودعوا الناس إلى ذلك، ثم قال تعالى مهددًا لهم ومتوعدًا لهم على لسان نبيه : ﴿قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ﴾ أي: مهما قدرتم عليه في الدنيا فافعلوا، فمهما يكن من شيء ﴿فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّار﴾ أي: مرجعكم وموئلكم إلينا كما قال تعالى: ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (٢٤)[لقمان]، وقال تعالى: ﴿مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠)[يونس].

﴿قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (٣١)﴾.

يقول تعالى آمرًا عباده بطاعته والقيام بحقه والإحسان إلى خلقه بأن يقيموا الصلاة، وهي عبادة الله وحده لا شريك له، وأن ينفقوا مما رزقهم الله بأداء الزكوات والنفقة على القرابات والإحسان إلى الأجانب، والمراد بإقامتها هو المحافظة على وقتها وحدودها وركوعها وخشوعها وسجودها، وأمر تعالى بالإنفاق مما رزق في السر، أي في الخفية، والعلانية وهي الجهر، وليبادروا إلى ذلك لخلاص أنفسهم ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ﴾ وهو يوم القيامة ﴿لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ﴾ أي: ولا يقبل من أحد فدية بأن تباع نفسه، كما قال تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الحديد: ١٥]، وقوله: ﴿وَلَا خِلَالٌ﴾.

قال ابن جرير: يقول: ليس هناك مخالة خليل، فيصفح عمن استوجب العقوبة عن العقاب لمخالته، بل هناك العدل والقسط، والخلال مصدر من قول القائل: خاللت فلانًا، فأنا أخالله مخالة وخلالًا، ومنه قول امرئ القيس:

هرفت الهوى عنهنَّ من خشية الردى … ولست بمقلي الخلال ولا قالٍ (٤) (٥)

وقال قتادة: إن الله قد علم أن في الدنيا بيوعًا وخلالًا يتخالُّون بها في الدنيا، فينظر رجل من يخالل وعلامَ يصاحب؟ فإن كان لله فليداوم، وإن كان لغير الله فسيقطع عنه (٦).

قلت: والمراد من هذا أنه يخبر تعالى أنه لا ينفع أحدًا بيع ولا فدية، ولو افتدى بملء الأرض ذهبًا لو وجده، ولا تنفعه صداقة أحد ولا شفاعة أحد إذا لقي الله كافرًا، قال الله تعالى:


(١) أخرجه الطبري من طريق حمزة الزيات به، وسنده حسن.
(٢) قول مجاهد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول سعيد بن جبير أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق أبي بشر عنه، وقول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عنه، وقول الضحاك أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه شيخ الطبري مبهم، وقول ابن زيد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عنه.
(٣) سنده صحيح.
(٤) ديوان امرئ القيس ص ٣٥.
(٥) ذكره الطبري بلفظه مستشهدًا بقول امرئ القيس.
(٦) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق سعيد عن قتادة.