للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومضى على الصراط، ورأيت رجلًا من أُمتي انتهى إلى باب الجنة، فغلقت الأبواب دونه، فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله ففتحت له الأبواب وأدخلته الجنة" (١).

قال القرطبي بعد إيراده هذا الحديث من هذا الوجه: هذا حديث عظيم ذكر فيه أعمالًا خاصة تنجي من أهوال خاصة، أورده هكذا في كتابه التذكرة (٢).

وقد روى الحافظ أبو يعلى الموصلي في هذا حديثًا غريبًا مطولًا فقال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم النكري، حدثنا محمد بن بكر البرساني أبو عثمان، حدثنا أبو عاصم الحبطي، وكان من أخيار أهل البصرة، وكان من أصحاب حزم، وسلام بن أبي مطيع، حدثنا بكر بن خنيس، عن ضرار بن عمرو، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، عن تميم الداري، عن النبي قال: يقول الله ﷿ لملك الموت: انطلق إلى وليي فأتني به، فإِني قد ضربته بالسراء والضراء، فوجدته حيث أُحب، ائتني به فلأريحنه، فينطلق إليه ملك الموت ومعه خمسمائة من الملائكة معهم أكفان وحنوط من الجنة، ومعهم ضبائر الريحان (٣) أصل الريحانة واحد، وفي رأسها عشرون لونًا لكل منها ريح سوى ريح صاحبه، ومعهم الحرير الأبيض فيه المسك الأذفر (٤)، فيجلس ملك الموت عند رأسه وتحف به الملائكة، ويضع كل ملك منهم يده على عضو من أعضائه، ويبسط ذلك الحرير الأبيض والمسك الأذفر تحت ذقنه، ويفتح له باب إلى الجنة، فإن نفسه لتعلل (٥) عند ذلك بطرف الجنة تارة بأزواجها، وتارة بكسوتها، ومرة بثمارها كما يعلل الصبي أهله إذا بكى، قال: إِن أزواجه ليبتهشن (٦) عند ذلك ابتهاشًا، قال: وتبرز الروح".

قال البرساني: يريد أن تخرج من العجل إلى ما تحب، قال: "ويقول ملك الموت: اخرجي يا أيتها الروح الطيبة إلى سدر مخضود، وطلح منضود، وظل ممدود، وماء مسكوب، قال: ولملك الموت أشد به لطفًا من الوالدة بولدها، يعرف أن تلك الروح حبيب لربه، فهو يتلمس بلطفه تحببًا لديه، رضاء للرب عنه، فتسل روحه كما تسل الشعرة من العجين - قال:- وقال الله ﷿: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ﴾ [النحل: ٣٢]، وقال: ﴿فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (٨٩)[الواقعة]- قال:- روح من جهة الموت، وريحان يتلقى به، وجنة نعيم تقابله،- قال:- فإذا قبض ملك الموت روحه، قالت الروح للجسد: جزاك الله عني خيرًا، فقد كنت سريعًا بي إلى طاعة الله، بطيئًا بي عن معصية الله، فقد نجيت وأنجيت - قال:- ويقول الجسد للروح مثل ذلك، قال: وتبكي عليه بقاع الأرض التي كان يطيع الله فيها، وكل باب من السماء يصعد منه عمله وينزل منه رزقه أربعين ليلة،- قال:- فإذا قبض ملك الموت روحه، أقامت الخمسمائة من الملائكة عند جسده، فلا يقلبه بنو آدم لشق إلا قلبته الملائكة قبلهم، وغسلته وكفنته بأكفان قبل أكفان بني آدم، وحنوط قبل حنوط بني آدم، ويقوم من باب بيته إلى قبره صفان من الملائكة


(١) في سنده عبد الله بن نافع وهو مولى ابن عمر وهو ضعيف (التقريب ص ٣٢٦).
(٢) التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة ص ٢٤٠، ٢٤١.
(٣) أي: باقة الريحان.
(٤) أي: عطر المسك الخالص الجيد.
(٥) أي: تتشاغل.
(٦) أي: يسرعن إليه.