للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كنت أسمع الناس يقولون، فيقال له: لا دريت، ثم يفتح له باب إلى الجنة، فيقال له: انظر إلى منزلك إذا ثبت، ثم يفتح له باب إلى النار، فيقال له: انظر إلى منزلك إِذ زغت، فذلك قوله تعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ (١).

وقال عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ قال: لا إله إلا الله، ﴿وَفِي الْآخِرَةِ﴾ المسألة في القبر (٢).

وقال قتادة: أما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح، ﴿وَفِي الْآخِرَةِ﴾ في القبر (٣). وكذا روي عن غير واحد من السلف.

وقال أبو عبد الله الحكيم الترمذي في كتابه نوادر الأصول: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن نافع، عن ابن أبي فديك، عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الرحمن بن سمرة قال: خرج علينا رسول الله ذات يوم ونحن في مسجد المدينة، فقال: "إني رأيت البارحة عجبًا، رأيت رجلًا من أُمتي جاءه ملك الموت ليقبض روحه، فجاءه بره بوالديه، فردَّ عنه، ورأيت رجلًا من أُمتي قد بسط عليه عذاب القبر، فجاءه وضوؤه فاستنقذه من ذلك، ورأيت رجلًا من أُمتي قد احتوشته الشياطين (٤)، فجاءه ذكر الله فخلصه من بينهم، ورأيت رجلًا من أُمتي قد احتوشته ملائكة العذاب، فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم، ورأيت رجلًا مِن أُمتي يلهث عطشًا كلما ورد حوضًا منع منه، فجاءه صيامه فسقاه وأرواه، ورأيت رجلًا من أُمتي والنبيون قعود حلقًا حلقًا، كلما دنا لحلقة طردوه، فجاءه اغتساله من الجنابة فأخذه بيده فأقعده إلى جنبي، ورأيت رجلًا من أُمتي بين يديه ظلمة، ومن خلفه ظلمة، وعن يمينه ظلمة، وعن شماله ظلمة، ومن فوقه ظلمة، ومن تحته ظلمة، وهو متحير فيها، فجاءته حجته وعمرته فاستخرجاه من الظلمة وأدخلاه النور، ورأيت رجلًا من أُمتي يكلم المؤمنين فلا يكلمونه، فجاءته صلة الرحم فقالت: يا معشر المؤمنين، كلموه فكلموه، ورأيت رجلًا من أُمتي يتقي وهج النار وشررها بيده عن وجهه، فجاءته صدقته فصارت له سترًا على وجهه وظلًا على رأسه، ورأيت رجلًا من أُمتي قد أخذته الزبانية من كل مكان، فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستنقذاه من أيديهم وأدخلاه مع ملائكة الرحمة، ورأيت رجلًا من أُمتي جاثيًا على ركبتيه بينه وبين الله حجاب، فجاءه حسن خلقه، فأخذ بيده فأدخله على الله ﷿، ورأيت رجلًا من أُمتي قد هوت صحيفته من قبل شماله، فجاءه خوفه من الله، فأخذ صحيفته فجعلها في يمينه، ورأيت رجلًا من أُمتي قد خف ميزانه، فجاءته أفراطه (٥) فثقلوا ميزانه، ورأيت رجلًا من أُمتي قائمًا على شفير جهنم، فجاءه وجله من الله فاستنقذه من ذلك ومضى، ورأيت رجلًا من أُمتي هوى في النار فجاءته دموعه التي بكى من خشية الله في الدنيا، فاستخرجته من النار، ورأيت رجلًا من أُمتي قائمًا على الصراط يزحف أحيانًا ويحبو أحيانًا، فجاءته صلاته عليّ، فأخذت بيده، فأقامته


(١) في سنده عامر بن سعد البجلي وهو مقبول (التقريب ص ٢٨٧)، ويتقوى بالشواهد السابقة.
(٢) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه، وسنده حسن.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٤) أي: اجتمعت حوله الشياطين.
(٥) أي: أولاده.