للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إن الميت ليسمع خفق نعالكم حين تولون عنه مدبرين، فإن كان مؤمنًا كانت الصلاة عند رأسه، والزكاة عن يمينه، والصوم عن يساره، وكان فعل الخيرات من الصدقة، والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه، فيؤتى من قبل رأسه، فتقول الصلاة: ما قبلي مدخل، فيؤتى عن يمينه فتقول الزكاة: ما قبلي مدخل، فيؤتى عن يساره فيقول الصيام: ما قبلي مدخل، فيؤتى عند رجليه فيقول فعل الخيرات: ما قبلي مدخل، فيقال له: اجلس، فيجلس قد مثلت له الشمس قد دنت للغروب، فيقال له: أخبرنا عما نسألك، فيقول: دعني حتى أصلي، فيقال له: إنك ستفعل فأخبرنا عما نسألك، فيقول: وعمَّ تسألوني؟ فيقال: أرأيت هذا الرجل الذي كان فيكم ماذا تقول به، وماذا تشهد به عليه؟ فيقول: أمحمد؟ فيقال له: نعم، فيقول: أشهد أنه رسول الله، وأنه جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه، فيقال له: على ذلك حييت وعلى ذلك مت، وعليه تبعث إن شاء الله، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعًا وينور له فيه، ويفتح له باب إلى الجنة، فيقال له: انظر إلى ما أعد الله لك فيها، فيزداد غبطة وسرورًا، ثم تجعل نسمته في النسم الطيب، وهي طير خضر تعلق بشجر الجنة، ويعاد الجسد إلى ما بدئ من التراب وذلك قول الله: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ (١). رواه ابن حبان من طريق المعتمر بن سليمان، عن محمد بن عمر، وذكر جواب الكافر وعذابه (٢).

وقال البزار: حدثنا سعيد بن بحر القراطيسي، حدثنا الوليد بن القاسم، حدثنا يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة أحسبه رفعه، قال: "إن المؤمن ينزل به الموت ويعاين ما يعاين، فيود له خرجت - يعني نفسه -، والله يحب لقاءه وإن المؤمن يصعد بروحه إلى السماء، فتأتيه أرواح المؤمنين فتستخبره عن معارفهم من أهل الأرض، فإِذا قال: تركت فلانًا في الأرض، أعجبهم ذلك، وإِذا قال: إِن فلانًا قد مات، قالوا: ما جيء به إلينا، وإن المؤمن يجلس في قبره فيسأل، من ربك؟ فيقول: ربي الله، ويسأل: من نبيك؟ فيقول: محمد نبيي، فيقال: ماذا دينك؟ قال: ديني الإسلام، فيفتح له باب في قبره فيقول - أو يقال -: انظر إلى مجلسك، ثم يرى القبر فكأنما كانت رقدة، وإذا كان عدو الله نزل به الموت وعاين ما عاين، فإنه لا يحب أن تخرج روحه أبدًا، والله يبغض لقاءه، فإذا جلس في قبره أو أجلس، فيقال له: من ربك؟ فيقول: لا أدري، يقال: لا دريت، فيفتح له باب إلى جهنم ثم يضرب ضربة تسمعها كل دابة إلا الثقلين، ثم يقال له: نم كما ينام المنهوش". قلت لأبي هريرة: ما المنهوش؟ قال: الذي تنهشه الدواب والحيات، ثم يضيق عليه قبره. ثم قال: لا نعلم من رواه إلا الوليد [بن القاسم] (٣) (٤).


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه بنحوه، وسنده حسن، ويشهد له سابقه ولاحقه، وأخرجه ابن أبي شيبة عن يزيد بن هارون به (المصنف ٣/ ٣٨٣)، وأخرجه عبد الرزاق من طريق محمد بن عمرو به (المصنف رقم ٦٧٠٣)، وحسنه الهيثمي (مجمع الزوائد ٣/ ٥٥).
(٢) الإحسان ٧/ ٣٨٠ - ٣٨٢ (ح ٣١١٣) وحسنه محققه شعيب الأرناؤوط.
(٣) كذا في (حم) و (مح) والتخريج، وفي الأصل صُحِّف إلى: "من مسلم".
(٤) أخرجه البزار كما في كشف الأستار (ح ٨٧٤)، ومختصر زوائد مسند البزار ١/ ٣٦٤ (ح ٥٩٦)، وقال =