للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فأفرشوه من النار وافتحوا له بابًا إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: ومن أنت، فوجهك الوجه يجيء بالشر؟ فيقول: أنا عملك الخبيث، فيقول: ربِّ لا تقم الساعة". ورواه أبو داود من حديث الأعمش والنسائي وابن ماجه من حديث المنهال بن عمرو (١) به.

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن يونس بن خباب، عن المنهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله إلى جنازة … فذكر نحوه، وفيه "فإذا خرجت روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض وكل ملك في السماء، وفتحت أبواب السماء ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله ﷿ أن يعرج بروحه من قبلهم"، وفي آخره "ثم يقيض له أعمى أصم أبكم، وفي يده مرزبة لو ضرب بها جبل لكان ترابًا، فيضربه ضربة فيصير ترابًا، ثم يعيده الله ﷿ كما كان، فيضربه ضربة أخرى فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين" قال البراء: ثم يفتح له باب إلى النار ويمهد له من فرش النار (٢).

وقال سفيان الثوري، عن أبيه، عن خيثمة، عن البراء في قوله تعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ قال: عذاب القبر (٣).

وقال المسعودي، عن عبد الله بن مخارق، عن أبيه، عن عبد الله قال: إن المؤمن إذا مات أُجلس في قبره فيقال له: ما ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فيثبته الله فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد ، وقرأ عبد الله ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ (٤).

وقال الإمام عبد بن حميد في مسنده: حدثنا يونس بن محمد، حدثنا شيبان بن عبد الرحمن، عن قتادة، حدثنا أنس بن مالك قال: قال رسول الله : "إن العبد إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه، هانه ليسمع قرع نعالهم، فيأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ قال: فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، قال: فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدًا من الجنة قال النبي : "فيراهما جميعًا".

قال قتادة: وذُكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعًا، ويملأ عليه خضرًا إلى يوم القيامة (٥).


(١) تقدم تخريجه وثبوته في تفسير سورة يونس في آخر تفسير آية رقم ٦٤ مختصرًا، وفي سورة الأعراف آية ٤٠ كاملًا.
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه مطولًا، وضعفه محققوه لضعف يونس بن خباب (المسند ٣٠/ ٥٧٦ - ٥٧٨ ح ١٨٦١٤).
(٣) أخرجه مسلم من طريق الثوري به (الصحيح، الجنة وصفة نعيمها باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار ح ٢٨٧١/ ٧٤).
(٤) أخرجه الطبري وعبد الله بن الإمام أحمد (السنة ح ١٤٢٩)، والبيهقي (عذاب القبر ح ٩) كلهم من طريق المسعودي به، وسنده حسن، ويشهد له ما تقدم.
(٥) أخرجه عبد بن حميد بسنده ومتنه (المنتخب من مسند عبد بن حميد ح ١١٨٠)، وسنده صحيح إلا مرسل قتادة، وقد جاء هذا المرسل في صحيح مسلم كما سيأتي في الرواية التالية.