للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ الآية، أي: أتبعناهم زيادة على عذاب النار لعنة في الدنيا ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ﴾ قال مجاهد: زيدوا لعنة يوم القيامة فتلك لعنتان (١).

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس ﴿بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ﴾ قال: لعنة الدنيا والآخرة (٢) وكذا قال الضحاك وقتادة (٣)، وهو كقوله: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ (٤١) وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ (٤٢)[القصص] وقال تعالى: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (٤٦)[غافر].

﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (١٠٠) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (١٠١)﴾.

لما ذكر تعالى خبر الأنبياء وما جرى لهم من أممهم، وكيف أهلك الكافرين ونجى المؤمنين؟ قال: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى﴾ أي أخبارهم ﴿نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ﴾ أي: عامر ﴿وَحَصِيدٌ﴾ أي: هالك

﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ﴾ أي: إِذ أهلكناهم ﴿وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ بتكذيبهم رسلنا وكفرهم بهم ﴿فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ﴾ أوثانهم التي يعبدونها ويدعونها ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ ما نفعوهم ولا أنقذوهم لما جاء أمر الله بإِهلاكهم ﴿وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ﴾.

قال مجاهد وقتادة وغيرهما: أي غير تخسير (٤).

وذلك أن سبب هلاكهم ودمارهم إنما كان باتباعهم تلك الآلهة وعبادتهم إياها، فبهذا أصابهم ما أصابهم، خسروا بهم في الدنيا والآخرة.

﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (١٠٢)﴾.

يقول تعالى: وكما أهلكنا أولئك القرون الظالمة المكذبة لرسلنا كذلك نفعل بأشباههم ﴿إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾، وفي الصحيحين عن أبي موسى قال: قال رسول الله : "إِن الله ليملي للظالم حتى إِذا أخذه لم يفلته" ثم قرأ رسول الله : ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (١٠٢)(٥).


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٢) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٣) قول الضحاك أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق جويبر عنه، وجويبر هو ابن سعيد الأزدي متروك، وقول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه.
(٤) قول مجاهد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه.
(٥) تقدم تخريجه في سورة هود آية رقم ٢٠.