للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبي بكر الهُذلي، عن أبي تميمة الهجيمي به (١).

وقال ابن جرير أيضًا: حدثنا ابن حميد، حدثنا إبراهيم بن المختار، عن ابن جريج، عن عطاء، عن كعب بن عجرة عن النبي في قوله: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ قال: "النظر إلى وجه الرحمن ﷿" (٢).

وقال أيضًا: حدثنا ابن عبد الرحيم، حدثنا عمرو بن أبي سلمة: سمعت زهيرًا عمن سمع أبا العالية، حدثنا أُبي بن كعب أنه سأل رسول الله عن قول الله ﷿: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ قال: "الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله ﷿" (٣). ورواه ابن أبي حاتم أيضًا من حديث زهير به (٤).

وقوله تعالى: ﴿وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ﴾ أي: قتام (٥) وسواد في عرصات المحشر كما يعتري وجوه الكفرة الفجرة من القترة والغبرة ﴿وَلَا ذِلَّةٌ﴾ أي: هوان وصغار، أي لا يحصل لهم إهانة في الباطن ولا في الظاهر بل هم كما قال تعالى في حقهم: ﴿فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (١١)[الإنسان] أي: نضرة في وجوههم وسرورًا في قلوبهم، جعلنا الله منهم بفضله ورحمته آمين.

﴿وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٧)﴾.

لما أخبر تعالى عن حال السعداء الذين يضاعف لهم الحسنات ويزدادون على ذلك عطف بذكر حال الأشقياء، فذكر تعالى عدله فيهم وأنه يجازيهم على السيئة بمثلها لا يزيدهم على ذلك ﴿وَتَرْهَقُهُمْ﴾ أي: تعتريهم وتعلوهم ذلة من معاصيهم وخوفهم منها كما قال: ﴿وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ﴾ [الشورى: ٤٥] وقال تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ … ﴾ الآيات [إبراهيم]، وقوله: ﴿مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ﴾ أي: مانع ولا واقٍ يقيهم العذاب كما قال تعالى: ﴿يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠) كَلَّا لَا وَزَرَ (١١) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢)[القيامة] وقوله: ﴿كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ﴾ الآية، إخبار عن سواد وجوههم في الدار الآخرة كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (١٠٦) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١٠٧)[آل عمران]، وكما قال تعالى:


(١) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق أبي بكر الهذلي به، وأبو بكر هذا متروك وسنده ضعيف.
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وضعفه محمود شاكر لضعف إبراهيم بن المختار، ويشهد له ما سبق في صحيح مسلم.
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لإبهام الراوي عن أبي العالية، ويشهد له ما سبق في صحيح مسلم.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق زهير به، وسنده ضعيف كسابقه.
(٥) أي: غبار.