للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يترك الله بيت مدر ولا وبر (١) إلا أدخله هذا الدين يعزُّ عزيزًا ويذلُّ ذليلًا، عزًّا يعز الله به الإسلام وذلًا يذل الله به الكفر" فكان تميم الداري يقول: قد عرفت ذلك في أهل بيتي لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز، ولقد أصاب من كان كافرًا منهم الذلُّ والصغار والجزية (٢).

وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن عبد ربه، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثني ابن جابر، سمعت سليم بن عامر قال: سمعت المقداد بن الأسود يقول: سمعت رسول الله يقول: "لا يبقى على وجه الأرض بيت مدر ولا وبر إلا دخلته كلمة الإسلام بعزِّ عزيزٍ، وبذلِّ ذليلٍ، إما يعزهم الله فيجعلهم من أهلها، وإما يذلهم فيدينون لها" (٣).

وفي المسند أيضًا: حدثنا محمد بن أبي عدي، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن [ابن حذيفة] (٤)، عن عَدي بن حاتم سمعه يقول: دخلت على رسول الله فقال: "يا عَدي أسلم تسلم" فقلت إني من أهل دين قال: "أنا أعلم بدينك منك" فقلت أنت أعلم بديني مني؟ قال: "نعم ألست من الركوسيّة (٥) وأنت تأكل مرباع (٦) قومك؟ " قلت: بلى! قال: "فإن هذا لا يحل لك في دينك" قال: فلم يعد أن قالها فتواضعت لها، قال: "أما إني أعلم ما الذي يمنعك من الإسلام، تقول إنما اتبعه ضعفة الناس ومن لا قوة له وقد رمتهم العرب، أتعرف الحيرة؟ " قلت: لم أرَها وقد سمعت بها، قال: "فوالذي نفسي بيده ليتمنَّ الله هذا الأمر حتى تخرج الظعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت من غير جوار أحد، ولتفتحنَّ كنوز كسرى بن هرمز" قلت: كسرى بن هرمز؟ قال: "نعم كسرى بن هرمز، وليبذلنَّ المال حتى لا يقبله أحد" قال عَدي بن حاتم: فهذه الظعينة تخرج من الحيرة فتطوف بالبيت من غير جوار أحد، ولقد كنت فيمن فتح كنوز كسرى بن هرمز، والذي نفسي بيده لتكوننَّ الثالثة؛ لأن رسول الله قد قالها (٧).

وقال مسلم: حدثنا أبو معن زيد بن يزيد الرقاشي، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا


(١) بيت مدر أي المبني، والوبر خيم الوبر لأنها تنسج من وبر الإبل والمراد بذلك أهل البوادي والمدن والقرى (ينظر النهاية ٥/ ١٤٥).
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٤/ ١٠٣)، وأخرجه الحاكم من طريق صفوان بن عمرو به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٤/ ٤٣٠)، وكذا أخرجه الطبراني (المعجم الكبير ٢/ ٥٨ ح ١٢٨٠)، وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح (مجمع الزوائد ٦/ ١٤)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (ح ٣).
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٩/ ٢٣٦ ح ٢٣٨١٤) وصححه محققوه، وأخرجه الحاكم من طريق ابن جابر به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٤/ ٤٣٠)، وكذا أخرجه الطبراني (المعجم الكبير ٢٠/ ٣٥٤ ح ٦٠١)، قال الهيثمي: ورجال الطبراني رجال الصحيح (المجمع ٦/ ١٤).
(٤) كذا في (عم) و (مح) والمسند، وفي الأصل: و (حم) وفي كل الطبعات صحفت إلى أبي حذيفة.
(٥) الركوسية: هو دين بين النصارى والصابئة (النهاية ٢/ ٢٥٩).
(٦) المرباع: ربع الغنيمة (النهاية ٢/ ١٨٦).
(٧) أخرجه الإمام أحمد بسنده بنحوه مطولًا (المسند ٣٢/ ١١٩ - ١٢٠ ح ١٩٣٧٨) وحسن سنده محققوه وأن بعضه صحيح. وهو كما قالوا فإن البخاري أخرج بعضه عن عَدي (الصحيح، المناقب، باب علامات النبوة ح ٣٥٩٥)، وأخرجه الحاكم من طريق ابن سيرين عن أبي عبيدة -وهو ابن حذيفة- به نحوه وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٤/ ٥١٨).