للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإنه قال: حدثنا مجاهد بن موسى، حدثنا عبد الله بن بكر، حدثنا عبَّاد بن شيبة [الحبطي] (١)، عن سعيد بن أنس، عن أنس قال: بينا رسول الله جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه، فقال عمر: ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي؟ فقال: "رجلان من أُمتي جثيا بين يديّ ربِّ العزة ، فقال أحدهما: يا ربِّ خذ لي مظلمتي من أخي. فقال الله تعالى؛ أعط أخاك مظلمته، قال: يا ربِّ لم يبق من حسناتي شيء قال: ربِّ فليحمل عني من أوزاري". قال: ففاضت عينا رسول الله بالبكاء ثم قال: "إن ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس إلى من يتحمل عنهم من أوزارهم، فقال الله تعالى للطالب: ارفع بصرك وانظر في الجنان فرفع رأسه فقال: يا ربِّ أرى مدائن من فضة وقصورًا من ذهب مكللة باللؤلؤ، لأي نبي هذا؟ لأي صديق هذا؟ لأي شهيد هذا؟ قال: هذا لمن أعطى ثمنه، قال: ربِّ ومن يملك ثمنه؟ قال أنت تملكه، قال: ماذا يا ربّ؟ قال: تعفو عن أخيك، قال: يا ربِّ، فإني قد عفوت عنه، قال الله تعالى: خذ بيد أخيك، فادخلا الجنة". ثم قال رسول الله : "فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم، فإن الله تعالى يصلح بين المؤمنين يوم القيامة" (٢).

﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤)﴾.

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾. قال: المنافقون لا يدخل قلوبهم شيء من ذكر الله عند أداء فرائضه. ولا يؤمنون بشيء من آيات الله ولا يتوكلون ولا يصلون إذا غابوا ولا يؤدون زكاة أموالهم، فاخبر الله تعالى أنهم ليسوا بمؤمنين، ثم وصف الله المؤمنين فقال: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ فأدوا فرائضه ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ يقول زادتهم تصديقًا ﴿وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ يقول: لا يرجون غيره (٣).

وقال مجاهد: ﴿وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ فَرَقت (٤). أي: فزعت وخافت، وكذا قال السدي (٥) وغير واحد، وهذه صفة المؤمن حق الإيمان الذي إذا ذكر الله وجل قلبه أي: خاف منه، ففعل أوامره وترك زواجره، كقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٣٥)[آل عمران]،


(١) كذا في (عم) ومسند أبي يعلى وفي الأصل و (مح) صحفت إلى: "الحنظلي".
(٢) سنده ضعيف جدًا أخرجه الحاكم من طريق عبد الله بن بكر السهمي به وصححه، وتعقبه الذهبي فقال: عباد بن شيبة الحبطي عن سعيد، والأول ضعيف، وشيخه لا يُعرف (المستدرك ٤/ ٥٧٦)، وضعف سنده ابن حبان (المجروحين ٢/ ١٧١)، وقال البخاري: سعيد بن أنس عن أنس عن النبي في المظالم لا يُتابع عليه. (التاريخ الكبير ٣/ ٤٥٩).
(٣) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق علي به.
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٥) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.