للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(سبب آخر في نزول الآية):

وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد الرحمن، عن سليمان بن موسى، عن مكحول، عن أبي أُمامة قال: سألت عبادة عن الأنفال فقال: فينا أصحاب بدر، نزلت حين اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقنا فانتزعه الله من أيدينا وجعله إلى رسول الله فقسمه رسول الله بين المسلمين، عن بواء يقول: عن سواء (١).

وقال الإمام أحمد أيضًا: حدثنا أبو معاوية بن عمرو، أخبرنا أبو إسحاق، عن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، عن سليمان بن موسى، عن أبي سلام، عن أبي أمامة، عن عبادة بن الصامت، قال: خرجنا مع رسول الله فشهدت معه بدرًا، فالتقى الناس، فهزم الله تعالى العدو، فانطلقت طائفة في آثارهم يهزمون ويقتلون، وأقبلت طائفة على العسكر يحوزونه ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول الله لا يصيب العدو منه غِرَّة (٢)، حتى إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى بعض، قال الذين جمعوا الغنائم: نحن حويناها فليس لأحد فيها نصيب، وقال الذين خرجوا في طلب العدو: لستم بأحق به منا، نحن منعنا عنه العدو وهزمناهم، وقال الذين أحدقوا برسول الله : خفنا أن يصيب العدو منه غرَّة فاشتغلنا به، فنزلت ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾ فقسمها رسول الله بين المسلمين وكان رسول الله إذا أغار في أرض العدو نفَّل الرُّبع، فإذا أقبل راجعًا نفَّل الثلث، وكان يكره الأنفال (٣).

ورواه الترمذي وابن ماجه من حديث سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن الحارث به نحوه، قال الترمذي: هذا حديث حسن، ورواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه، من حديث عبد الرحمن بن الحارث، وقال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه (٤).

وروى أبو داود والنسائي وابن جرير وابن مردويه واللفظ له، وابن حبان والحاكم من طرق عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما كان يوم بدر قال رسول الله : "من صنع كذا وكذا فله كذا وكذا" فتسارع في ذلك شُبَّان القوم وبقي الشيوخ تحت الرايات، فلما كانت المغانم جاؤوا يطلبون الذي جعل لهم، فقال الشيوخ: لا تستأثروا علينا فإنا كنا رِدءً لكم لو انكشفتم لفئتم إلينا. فتنازعوا فأنزل الله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ﴾ إلى قوله: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ (٥).


(١) أخرجه الإمام أحمد من طريق محمد بن سلمة عن ابن إسحاق، ومن طريق يعقوب عن أبيه عن ابن إسحاق به وفي آخر كل طريق بلفظ: "على السواء" (المسند ٣٧/ ٤١٠ ح ٢٢٧٤٧ و ٣٧/ ٤١٤ ح ٢٢٧٥٣) وقال محققوه: حسن لغيره.
(٢) أي غفلة.
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده نحوه (المسند ٣٧/ ٤٢١ ح ٢٢٧٦٢)، قال محققوه: حسن لغيره.
(٤) سنن الترمذي، السير، باب في النفل (ح ١٥٦١) مختصرًا وحسنه، وسنن ابن ماجه، الجهاد، باب في النفل (ح ٢٨٥٢)، موارد الظمآن (ح ١٦٩٣ والمستدرك ٢/ ١٣٦)، وصححه ووافقه الذهبي.
(٥) أخرجه أبو داود، السنن، الجهاد، باب في النفل (ح ٢٧٣٧)، والنسائي في السنن الكبرى، التفسير =