للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واختار ابن جرير أنها زيادة على القسم، ويشهد لذلك ما ورد في سبب نزول الآية وهو ما رواه الإمام أحمد، حيث قال: حدثنا أبو معاوية، حدثنا أبو إسحاق الشيباني، عن محمد بن عبيد الله الثقفي، عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان يوم بدر وقتل أخي عمير قتلتُ سعيد بن العاص وأخذت سيفه، وكان يُسمى ذا الكَتيفة (١)، فأتيت به النبي فقال؛ "اذهب فاطرحه في القبض" قال: فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله، من قتل أخي وأخذ سلبي، قال: فما جاوزت إلا يسيرًا حتى نزلت سورة الأنفال، فقال لي رسول الله : "اذهب فخذ سلبك" (٢).

وقال الإمام أحمد أيضًا: حدثنا أسود بن عامر، أخبرنا أبو بكر، عن عاصم بن أبي النجود، عن مصعب بن سعد، عن سعد بن مالك، قال: قلت يا رسول الله قد شفاني الله اليوم من المشركين، فهب لي هذا السَّيف، فقال: "إن هذا السَّيف لا لك ولا لي، ضعه" قال: فوضعته، ثم رجعت فقلت: عسى أن يعطي هذا السَّيف من لا يبلي بلائي، قال: فإذا رجل يدعوني من ورائي قال: قلت: قد أنزل الله فيّ شيئًا؟ قال: كنت سألتني السيف وليس هو لي، وإنه قد وهب لي، فهو لك. قال: وأنزل الله هذه الآية ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ (٣). ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من طرق عن أبي بكر بن عياش به، وقال الترمذي: حسن صحيح (٤).

وهكذا رواه أبو داود الطيالسي، أخبرنا شعبة أخبرنا سماك بن حرب قال: سمعت مصعب بن سعد يحدث عن سعد، قال: نزلت فيّ أربع آيات، أصبت سيفًا يوم بدر فأتيت النبي فقلت نفلنيه، فقال: "ضعه من حيث أخذته" مرتين، ثم عاودته فقال النبي : "ضعه من حيث أخذته" فنزلت هذه الآية ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ﴾ (٥) الآية وتمام الحديث، في نزول ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا﴾ [العنكبوت: ٨]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ﴾ [المائدة: ٩٠] وآية الوصية، وقد رواه مسلم في صحيحه من حديث شعبة به (٦).

وقال محمد بن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن بعض بني ساعدة قال: سمعت أبا أسيد مالك بن ربيعة يقول: أصبت سيف ابن عائذ يوم بدر، وكان السيف يدعى بالمرزبان، فلما أمر رسول الله الناس أن يردّوا ما في أيديهم من النفل، أقبلت به فألقيته في النفل، وكان رسول الله لا يمنع شيئًا يسأله، فرآه الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي، فسأله رسول الله فأعطاه إياه (٧) ورواه ابن جرير من وجه آخر.


(١) أي السيف العريض.
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ١٢٩ ح ١٥٥٦)، قال محققوه: حسن لغيره. اهـ. ويتقوى بلاحقه.
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (٣/ ١١٧ ح ١٥٣٨) وحسنه محققوه.
(٤) سنن أبي داود، الجهاد، باب في النفل (ح ٢٧٤٠)، وسنن الترمذي تفسير القرآن، باب ومن سورة الأنفال (ح ٣٠٧٩)، والسنن الكبرى، التفسير (ح ٢١٦).
(٥) أخرجه الطيالسي بسنده ومتنه (المسند ١/ ٢٨ ح ٢٠٨).
(٦) صحيح مسلم، الجهاد، باب الأنفال (ح ٣٤/ ١٧٤٨).
(٧) أخرجه الطبري من طريق ابن إسحاق به، وسنده ضعيف لإبهام شيخ عبد الله بن أبي بكر.