للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: ١٣] وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ [النساء: ١]، وقال في هذه الآية الكريمة: ﴿وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا﴾ أي: ليألفها ويسكن بها، كما قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: ٢١] فلا ألفة بين روحين أعظم مما بين الزوجين، ولهذا ذكر تعالى أن الساحر ربما توصل بكيده إلى التفرقة بين المرء وزوجه ﴿فَلَمَّا تَغَشَّاهَا﴾ أي: وطئها ﴿حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا﴾ وذلك أول الحمل لا تجد المرأة له ألمًا، إنما هي النطفة ثم العلقة ثم المضغة.

وقوله: ﴿فَمَرَّتْ بِهِ﴾ قال مجاهد: استمرت بحمله (١)، وروي عن الحسن وإبراهيم النخعي والسدي نحوه (٢).

وقال [عمرو بن] (٣) ميمون بن مهران عن أبيه: استخفته (٤). وقال أيوب: سألت الحسن عن قوله: ﴿فَمَرَّتْ بِهِ﴾ قال: لو كنت رجلًا عربيًا لعرفت ما هي إنما هي فاستمرّت (٥) به. وقال قتادة: ﴿فَمَرَّتْ بِهِ﴾ استبان حملها (٦).

وقال ابن جرير: معناه استمرت بالماء قامت به وقعدت (٧).

وقال العوفي عن ابن عباس: استمرت به فشكّت أحملت أم لا؟ (٨) ﴿فَلَمَّا أَثْقَلَتْ﴾ أي: صارت ذات ثقل بحملها. وقال السدي: كبر الولد في بطنها (٩) ﴿دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا﴾ أي: بشرًا سويًا، كما قال الضحاك عن ابن عباس: أشفقا أن يكون بهيمة (١٠)، وكذلك قال أبو البَخْتَرِي وأبو مالك: أشفقا أن لا يكون إنسانًا (١١).

وقال الحسن البصري: لئن آتيتنا غلامًا ﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠)(١٢). ذكر المفسرون ههنا آثارًا وأحاديث سأوردها وأبين ما فيها، ثم نتبع ذلك ببيان الصحيح في ذلك إن شاء الله وبه الثقة.


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٢) قول الحسن أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عنه، وقول السدي أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عنه.
(٣) ما بين معقوفين زيادة من تفسير ابن أبي حاتم، إذ تفرد به ابن أبي حاتم بذلك، وذكره السيوطي ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق عمرو بن ميمون بن مهران عن أبيه.
(٥) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن الحسن.
(٦) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة.
(٧) ذكره الطبري بلفظه.
(٨) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(٩) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.
(١٠) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق الضحاك به، لأنه لم يلق ابن عباس.
(١١) ذكرهما ابن أبي حاتم بحذف السند، وقول أبي البَختري أخرجه الطبري بسندين يقوي أحدهما الآخر.
(١٢) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن الحسن.