للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بما كان قبلكم وبما هو كائن بعدكم، فاستقيموا وسددوا فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئًا، وسيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم شيئًا" (١) لم يخرجه أحد من أصحاب السنن وأبو كبشة اسمه: عمر بن سعد ويقال عامر بن سعد والله أعلم.

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الزبير، عن جابر قال لما مرّ رسول الله بالحِجر قال: "لا تسألوا الآيات فقد سألها قوم صالح فكانت - يعني الناقة - ترد من هذا الفجّ وتصدر من هذا الفجّ فعتوا عن أمر ربهم، فعقروها وكانت تشرب ماءهم يومًا ويشربون لبنها يومًا فعقروها فأخذتهم صيحة أهمد الله من تحت أديم السماء منهم إلا رجلًا واحدًا كان في حرم الله" فقالوا: من هو يا رسول الله؟ قال: "أبو رغال فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه" (٢) وهذا الحديث ليس في شيء من الكتب الستة وهو على شرط مسلم.

قوله تعالى: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا﴾ أي: ولقد أرسلنا إلى قبيلة ثمود أخاهم صالحًا ﴿قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ فجميع الرسل يدعون إلى عبادة الله وحده لا شريك له كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)[الأنبياء] وقال: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦].

وقوله: ﴿قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً﴾ أي: قد جاءتكم حجة من الله على صدق ما جئتكم به.

"وكانوا هم الذين سألوا صالحًا أن يأتيهم بآية واقترحوا عليه بأن تخرج لهم من صخرة صمّاء عينوها بأنفسهم وهي صخرة منفردة في ناحية الحجر يقال لها: الكاثبة، فطلبوا منه أن تخرج لهم منها ناقة عشراء تمخض، فأخذ عليهم صالح العهود والمواثيق: لئن أجابهم الله إلى سؤالهم وأجابهم إلى طلبتهم ليؤمنن به وليتبعنه. فلما أعطوه على ذلك عهودهم ومواثيقهم قام صالح إلى صلاته ودعا الله ﷿ فتحركت تلك الصخرة ثم انصدعت عن ناقة جوفاء وَبراء يتحرك جنينها بين جنبيها كما سألوا، فعند ذلك آمن رئيسهم (جُندع بن عمرو) ومن كان معه على أمره، وأراد بقية أشراف ثمود أن يؤمنوا فصدّهم ذؤاب بن عمرو بن لبيد والحباب صاحب أوثانهم، ورباب بن صمعر بن جلهس وكان لجندع بن عمرو ابن عمّ يقال له: شهاب بن خليفة بن مخلاة بن لبيد بن جواس، وكان من أشراف ثمود وأفاضلها فأراد أن يسلم أيضًا فنهاه أولئك الرهط، فأطاعهم فقال في ذلك رجل من مؤمني ثمود يقال له مهوش بن عثمة بن الدميل :

وكانت عصبةٌ من آل عمرو … إلى دين النبي دعوا شهابا


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه بنحوه (المسند ٢٩/ ٥٥٨ - ٥٥٩ ح ١٨٠٢٩)، وضعفه محققوه بسبب لين محمد بن أبي كبشة. اهـ. وحسنه الحافظ ابن كثير (البداية والنهاية ١/ ١٥٩)، وحسنه الهيثمي أيضًا (المجمع ١٠/ ٢٩٣).
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ٢٩٦)، وأخرجه الحاكم من طريق عبد الرزاق به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٣٤٠)، وحسنه الحافظ ابن حجر (الفتح ٦/ ٢٧٠)، وقال الهيثمي: ورجال أحمد رجال الصحيح (المجمع ٦/ ١٩٤) وقال الحافظ ابن كثير: على شرط مسلم.