للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ما آية من القرآن، والستة الأيام هي: الأحد والإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة. وفيه اجتمع الخلق كله، وفيه خُلق آدم .

واختلفوا في هذه الأيام هل كل يوم منها كهذه الأيام كما هو المتبادر إلى الأذهان، أو كل يوم كألف سنة كما نصّ على ذلك مجاهد (١) والإمام أحمد بن حنبل ويروى ذلك من رواية الضحاك عن ابن عباس (٢)، فأما يوم السبت فلم يقع فيه خلق لأنه اليوم السابع ومنه سمي السبت وهو القطع.

فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده حيث قال: حدثنا حجاج، حدثنا ابن جريج، أخبرني إسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خالد، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، عن أبي هريرة قال: أخذ رسول الله بيدي فقال: "خلق الله التربة يوم السبت، وخلق الجبال فيها يوم الأحد، وخلق الشجر فيها يوم الإثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبثّ فيها الدوابّ يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل" فقد رواه مسلم بن الحجاج في صحيحه والنسائي من غير وجه عن حجاج وهو ابن محمد الأعور، عن ابن جريج (٣) به. وفي استيعاب الأيام السبعة والله تعالى قد قال: ﴿فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾ ولهذا تكلم البخاري وغير واحد من الحفاظ في هذا الحديث وجعلوه من رواية أبي هريرة عن كعب الأحبار ليس مرفوعًا والله أعلم.

وأما قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ فللناس في هذا المقام مقالات كثيرة جدًا ليس هذا موضع بسطها، وإنما نسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح مالك والأوزاعي والثوري والليث بن سعد والشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه وغيرهم من أئمة المسلمين قديمًا وحديثًا وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله لا يشبهه شيء من خلقه ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١] بل الأمر كما قال الأئمة منهم: نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري قال من شبّه الله بخلقه كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه، فمن أثبت لله تعالى ما وردت به الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة على الوجه الذي يليق بجلال الله، ونفى عن الله تعالى النقائص فقد سلك سبيل الهدى.

وقوله تعالى: ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا﴾ أي: يذهب ظلام هذا بضياء هذا وضياء هذا بظلام هذا وكل منهما يطلب الآخر طلبًا حثيثًا أي سريعًا لا يتأخر عنه بل إذا ذهب هذا جاء هذا وعكسه كقوله: ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (٣٧) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠)[يس] فقوله: ﴿وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق أبي بشر عن مجاهد.
(٢) سنده ضعيف لأن الضحاك لم يسمع ابن عباس.
(٣) تقدم تخريجه وصحته في تفسير سورة البقرة آية ٢٩ في آخرها.