للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الخبيثة؟ فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا. فيستفتح فلا يفتح له - ثم قرأ رسول الله : ﴿لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ فيقول الله ﷿: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحًا - ثم قرأ -: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾ [الحج: ٣١].

فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه (١) لا أدري. فيقولان: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري. فيقولان: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه لا أدري. فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي فأفرشوه من النار، وافتحوا له بابًا إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول: أبشر بالذي يسوؤك هذا يومك الذي كنت توعد. فيقول: من أنت فوجهك الوجه يجيء بالشر؟ فيقول: "أنا عملك الخبيث فيقول ربّ لا تقم الساعة" (٢).

وقال الإمام أحمد أيضًا: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن يونس بن خباب، عن المنهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله إلى جنازة فذكر نحوه، وفيه: "حتى إذا خرج روحه صلى عليه كلُ ملك السماء والأرض وكل ملك في السماء، وفتحت له أبواب السماء ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله ﷿ أن يعرج بروحه من قبلهم، وفي آخره، ثم يُقيض له أعمى أصم أبكم في يدهِ مرزبة لو ضرب بها جبل كان ترابًا، فيضربه ضربة فيصير ترابًا، ثم يعيده الله ﷿ كما كان، فيضربه ضربة أخرى، فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين"، قال البراء: "ثم يفتح له باب من النار ويُمهد له فرش من النار" (٣).

وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه وابن جرير واللفظ له من حديث محمد بن عمرو بن عطاء، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة أن رسول الله قال: "الميت تحضره الملائكة فإذا كان الرجل الصالح قالوا: اخرجي أيتها النفس المطمئنة كانت في الجسد الطيب اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان، فيقولون ذلك حتى يعرج بها إلى السماء، فيستفتح لها فيقال: من هذا؟ فيقولون: فلان، فيقال: مرحبًا بالنفس الطيبة التي كانت في الجسد الطيب أدخلي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان. فيقال لها ذلك حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله ﷿، وإذا كان الرجل السوء قالوا: اخرجي أيتها النفس


(١) هاه هاه: كلمة يقولها المتحيّر في الكلام.
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٠/ ٤٤٩ - ٥٠٣ ح ١٨٥٣٤)، وصححه محققوه، وتقدم تصحيح النقاد له.
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه كاملًا (المسند ٣٠/ ٥٧٧ - ٥٧٨ ح ١٨٦١٤)، وضعفه محققوه لضعف يونس بن خباب.