للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أيضًا: حدثنا ابن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن منصور بن زاذان، عن الحسن أنه قال في المائدة: إنها لم تنزل (١).

وحدثنا بشر، حدثنا يزيد، حدثنا سعيد عن قتادة قال: كان الحسن يقول لما قيل لهم ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ قالوا: لا حاجة لنا فيها فلم تنزل (٢).

وهذه أسانيد صحيحة إلى مجاهد والحسن، وقد يتقوى ذلك بأن خبر المائدة لا يعرفه النصارى، وليسس هو في كتابهم، ولو كانت قد نزلت لكان ذلك مما توفر الدواعي على نقله، وكان يكون موجودًا في كتابهم متواترًا، ولا أقل من الآحاد، والله أعلم.

ولكن الذي عليه الجمهور أنها نزلت، وهو الذي اختاره ابن جرير، قال: لأن الله تعالى أخبر بنزولها في قوله تعالى: ﴿إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ قال: ووعد الله ووعيده حق وصدق، وهذا القول هو - والله أعلم - الصواب كما دلت عليه الأخبار والآثار عن السلف وغيرهم.

وقد ذكر أهل التاريخ أن موسى بن نصير نائب بني أمية في فتوح بلاد المغرب، وجد المائدة هنالك مرصعة بالّلآلئ وأنواع الجواهر، فبعث بها إلى أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك باني جامع دمشق، فمات وهي في الطريق، فحملت إلى أخيه سليمان بن عبد الملك الخليفة بعده، فرآها الناس فتعجبوا منها كثيرًا لما فيها من اليواقيت النفيسة والجواهر اليتيمة، ويقال: إن هذه المائدة كانت لسليمان بن داود ، فالله أعلم.

وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن [عمران أبي الحكم] (٣) عن ابن عباس قال: قالت قريش للنبي : ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبًا ونؤمن بك. قال: "وتفعلون؟ " قالوا: نعم. قال: فدعا، فأتاه جبريل فقال: إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك: إن شئت أصبح لهم الصفا ذهبًا، فمن كفر منهم بعد ذلك عذبته عذابًا لا أعذبه أحدًا من العالمين، وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة. قال: "بل باب التوبة والرحمة" (٤) ثم رواه أحمد وابن مردويه، والحاكم في مستدركه من حديث سفيان الثوري به (٥).


= عن مجاهد مخالفتان الرواية الصحيحة المتقدمة من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بأن المائدة نزلت.
(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٣) كذا في المسند، وفي النسخ الخطية: عمران بن الحكم وهو تصحيف وقد وقع هذا في رواية من روايتي المسند كما يلي:
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه مع التصحيف المذكور، (المسند ٤/ ٦٠ ح) وصححه محققوه.
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه مع التصحيف المذكور (المسند ٥/ ٢٨٤ ح ٣٢٢٣) وصححه محققوه.
وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٣١٤).