للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال عبد الرزاق، عن الثوري، عن الأعمش، عن مجاهد ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ﴾ فيفزعون فيقولون: ﴿لَا عِلْمَ لَنَا﴾ (١)، رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.

وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا حكام، حدثنا عنبسة قال: سمعت شيخًا يقول: سمعت الحسن يقول في قوله: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ﴾ الآية، قال: من هول ذلك اليوم (٢).

وقال أسباط، عن السدي: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا﴾ ذلك أنهم نزلوا منزلًا ذهلت فيه العقول فلما سئلوا قالوا: ﴿لَا عِلْمَ لَنَا﴾ ثم نزلوا منزلًا آخر، فشهدوا على قومهم (٣)، رواه ابن جرير.

ثم قال ابن جرير: حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثنا الحجاج، عن ابن جريج قوله: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ﴾ أي: ماذا عملوا بعدكم وماذا أحدثوا بعدكم؟ قالوا: ﴿لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ (٤).

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١٠٩)﴾ يقولون للرب ﷿: لا علم لنا إلا علم أنت أعلم به منا (٥)، رواه ابن جرير، ثم اختاره على هذه الأقوال الثلاثة، ولا شك أنه قول حسن، وهو من باب التأدب مع الرب ؛ أي: لا علم لنا بالنسبة إلى علمك المحيط بكل شيء، فنحن وإن كنا أجبنا وعرفنا من أجابنا، ولكن منهم من كنا إنما نطلع على ظاهره لا علم لنا بباطنه، وأنت العليم بكل شيء، المطلع على كل شيء، فعلمنا بالنسبة إلى علمك كلا علم، فإنك ﴿أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾.

﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (١١٠) وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (١١١)﴾.

يذكر تعالى ما امتنّ به على عبده ورسوله عيسى ابن مريم مما أجراه على يديه من المعجزات الباهرات وخوارق العادات، فقال: ﴿اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ﴾ أي: في خلقي إياك من أم بلا ذكر، وجعلي إياك آية ودلالة قاطعة على كمال قدرتي على الأشياء، ﴿وَعَلَى وَالِدَتِكَ﴾ حيث جعلتك لها برهانًا على براءتها مما نسبه الظالمون والجاهلون إليها من الفاحشة، ﴿إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ وهو جبريل ، وجعلتك نبيًا داعيًا إلى الله في صغرك وكبرك، فانطقتك في


= عن الحسن، وقول السدي أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.
(١) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لابهام تلميذ الحسن.
(٣) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.
(٤) أخرجه الطبري بسنده ومتنه وسنده ضعيف لضعف الحسين وهو ابن داود.
(٥) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة به.