للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الإمام أحمد: حدثنا عمرو بن مجمع، حدثنا إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي ، قال: "إن أول من سيب السوائب وعبد الأصنام أبو خزاعة عمرو بن عامر (١)، وإني رأيته يجر أمعاءه في النار" (٢)، تفرد به أحمد من هذا الوجه.

وقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر، عن زيد بن أسلم، قال: قال رسول الله : "إني لأعرف أول من سيّب السوائب، وأول من غيّر دين إبراهيم " قالوا: من هو يا رسول الله؟ قال: "عمرو بن لحي أخو بني كعب، لقد رأيته يجر قصبه في النار، تؤذي رائحته أهل النار، وإني لأعرف أول من بحّر البحائر" قالوا: ومن هو يا رسول الله؟ قالوا: "رجل من بني مدلج، كانت له ناقتان، فجدَع آذانهما، وحزم ألبانهما، ثم شرب ألبانهما بعد ذلك، فلقد رأيته في النار وهما يعضانه بأفواههما، ويطآنه بأخفافهما" (٣).

عمرو هذا هو: ابن لحي بن قمعة، أحد رؤساء خزاعة الذين ولوا البيت بعد جُرْهم وكان أول من غير دين إبراهيم الخليل، فأدخل الأصنام إلى الحجاز، ودعا الرعاع من الناس إلى عبادتها والتقرب بها، وشرع لهم هذه الشرائع الجاهلية في الأنعام وغيرها، كما ذكره الله تعالى في سورة الأنعام عند قوله تعالى: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا. . .﴾ [الأنعام: ١٣٦] إلى آخر الآيات في ذلك.

فأما البحيرة، فقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس : هي الناقة إذا نتجت خمسة أبطن، نظروا إلى الخامس، فإن كان ذكرًا ذبحوه، فأكله الرجال دون النساء، وإن كان أنثى جدعوا آذانها، فقالوا: هذه بحيرة (٤).

وذكر السدي وغيره قريبًا من هذا (٥).

وأما السائبة فقال مجاهد: هي من الغنم نحو ما فسر من البحيرة إلا أنها ما ولدت من ولد كان بينها وبينه ستة أولاد، كانت على هيئتها، فإذا ولدت السابع ذكرًا أو ذكرين ذبحوه، فأكله رجالهم دون نسائهم (٦).

وقال محمد بن إسحاق: السائبة هي الناقة إذا ولدت عشر إناث من الولد ليس بينهن ذكر، سيبت فلم تركب ولم يجز وبرها ولم يحلب لبنها إلا لضيف (٧).

وقال أبو روق: السائبة كان الرجل إذا خرج فقضيت حاجته، سيّب من ماله ناقة أو غيرها،


(١) أبو خزاعة عمرو بن عامر هو عمرو بن لحي نفسه (فتح الباري ٦/ ٥٤٩).
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه وقال محققوه صحيح لغيره ثم ساقوا شواهده من الصحيحين وغيرهما (المسند ٧/ ٢٩٢ - ٢٩٣ ح ٤٢٥٨).
(٣) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه، وسنده مرسل ولبعضه شواهد تقدمت.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة به.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.
(٦) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن عن ابن إسحاق.