للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال البخاري: حدثنا الفضل بن سهل، حدثنا أبو النضر، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا أبو الجويرية عن ابن عباس قال: كان قوم يسألون رسول الله استهزاء، فيقول الرجل: من أبي؟ ويقول الرجل تضل ناقته: أين ناقتي؟ فأنزل الله فيهم هذه الآية ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ حتى فرغ من الآية كلها (١)، تفرد به البخاري. وقال الإمام أحمد: حدثنا منصور بن وردان الأسدي، حدثنا علي بن عبد الأعلى، عن أبيه، عن أبي البختري - وهو سعيد بن فيروز -، عن علي قال: لما نزلت هذه الآية ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧] قالوا: يا رسول الله، أفي كل عام؟ فسكت، فقالوا: أفي كل عام؟ فسكت، قال: ثم قالوا: أفي كل عام؟ فقال: "لا"، ولو قلت: نعم لوجبت ولو وجبت لما استطعتم فأنزل الله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ الآية، وكذا رواه الترمذي وابن ماجه من طريق منصور بن وردان به، وقال الترمذي: غريب من هذا الوجه، وسمعت البخاري يقول: أبو البختري لم يدرك عليًا (٢).

وقال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن إبراهيم بن مسلم الهجري، عن أبي عياض، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "إن الله كتب عليكم الحج" فقال رجل: أفي كل عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه حتى عاد مرتين أو ثلاثًا، فقال: "من السائل؟ " فقال: فلان، فقال: "والذي نفسي بيده، لو قلت: نعم لوجبت، ولو وجبت عليكم ما أطقتموه، ولو تركتموه لكفرتم"، فأنزل الله ﷿: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ حتى ختم الآية (٣)، ثم رواه ابن جرير من طريق الحسين بن واقد عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة وقال: فقام محصن الأسدي، وفي رواية من هذه الطريق عكاشة بن محصن، وهو أشبه (٤)، وإبراهيم بن مسلم الهجري ضعيف.

وقال ابن جرير أيضًا: حدثني زكريا بن يحيى [بن أبان المصري، حدثنا أبو زيد عبد الرحمن بن أبي الغمر، حدثنا ابن مطيع معاوية بن يحيى] (٥)، عن صفوان بن عمرو، حدثني سليم بن عامر قال: سمعت أبا أُمامة الباهلي يقول: قام رسول الله في الناس، فقال: "كتب عليكم الحج" فقام رجل من الأعراب فقال: أفي كل عام؟ قال: فغلق كلام رسول الله ، وأسكت، وأغضب واستغضب، ومكث طويلًا، ثم تكلم فقال: "من السائل؟ " فقال الأعرابي: أنا ذا، فقال: "ويحك ماذا يؤمنك أن أقول نعم؟ والله لو قلت: نعم لوجبت، ولو وجبت لكفرتم، ألا إنه إنما أهلك الذين من قبلكم أئمة الحرج، والله لو أني أحللت لكم جميع ما في الأرض وحرمت عليكم منها موضع خف، لوقعتم فيه" قال: فأنزل الله عند ذلك ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ


(١) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، باب ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ﴾ ح ٤٦٢٢).
(٢) تقدم تخريجه في سورة آل عمران آية ٩٧.
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وضعف سنده أحمد شاكر لضعف إبراهيم بن مسلم الهجري، ولكنه توبع كما سيأتي في الروايات اللاحقة.
(٤) وفي هذه الطريق متابعة لإبراهيم الهجري بواسطة الحسين بن واقد.
(٥) ما بين معقوفين سقط من الأصل، واستدرك من (مح) وتفسير الطبري.