للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(والقول الثالث): أنها تأخذ ثلث جميع المال في مسألة الزوجة، فإنها تأخذ الربع وهو ثلاثة من اثني عشر، وتأخذ الأُم الثلث وهو أربعة، فيبقى خمسة للأب، وأما في مسألة الزوج فتأخذ ثلث الباقي لئلا تأخذ أكثر من الأب لو أخذت ثلث المال، فتكون المسألة من ستة: للزوج النصف ثلاثة وللأم ثلث الباقي بعد ذلك وهو سهم، وللأب الباقي بعد ذلك وهو سهمان. ويحكى هذا عن ابن سيرين وهو قول مركب من القولين الأولين، موافق كلًا منهما في صورة وهو ضعيف أيضًا، والصحيح الأول، والله أعلم.

(والحال الثالث من أحوال الأبوين): وهو اجتماعهما مع الإخوة، سواء كانوا من الأبوين أو من الأب أو من الأم، فإنهم لا يرثون مع الأب شيئًا، ولكنهم مع ذلك يحجبون الأم عن الثلث إلى السدس، فيفرض لها مع وجودهم السدس، فإن لم يكن وارث سواها وسوى الأب، أخذ الأب الباقي. وحكم الأخوين فيما ذكرناه كحكم الإخوة عند الجمهور.

وقد روى البيهقي من طريق شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس أنه دخل على عثمان، فقال: إن الأخوين لا يردان الأم عن الثلث، قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ﴾ فالأخوان ليسا بلسان قومك إخوة، فقال عثمان: لا أستطيع [تغيير] (١) ما كان قبلي، ومضى في [الأمصار] (٢) وتوارث به الناس (٣). وفي صحة هذا الأثر نظر، فإن شعبة هذا تكلم فيه مالك بن أنس، ولو كان هذا صحيحًا عن ابن عباس لذهب إليه أصحابه الأخصاء به، والمنقول عنهم خلافه، وقد روى عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه [عن خارجة بن زيد، عن أبيه أنه قال: العرب] (٤) تسمي الأخوين إخوة (٥). وقد أفردت لهذه المسألة جزءًا على حدة.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد العزيز بن المغيرة، حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة قوله: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ﴾ أضروا بالأم ولا يرثون، ولا يحجبها الأخ الواحد من الثلث ويحجبها ما فوق ذلك، وكان أهل العلم يرون أنهم إنما حجبوا أمهم عن الثلث أن أباهم يلي إنكاحهم، ونفقتهم عليهم دون أمهم (٦). وهذا كلام حسن. لكن روي عن ابن عباس بإسناد صحيح أنه كان يرى أن السدس الذي حجبوه عن أمهم يكون لهم وهذا قول


(١) زيادة من (ح) و (حم) و (مح).
(٢) كذا في (ح) و (حم) و (مح)، وفي الأصل: "الآثار"، وكذا أخرجه الطبري والحاكم (المستدرك ٤/ ٣٣٥)، والبيهقي (السنن الكبرى ٦/ ٢٢٧)، كلهم من طريق ابن أبي ذئب عن شعبة به، وشعبة هو ابن دينار الهاشمي: صدوق سيء الحفظ (التقريب ص ٢٦٦)، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وقد نقل الحافظ ابن حجر تصحيح الحاكم ثم قال: وفيه نظر فإن شعبة ضعفه النسائي (التلخيص الحبير ٣/ ٨٥)، ولكنه قال في موفقه الخُبر الخَبر: هذا موقوف حسن (١/ ٤٨٢)، والعلة التي ذكرها الحافظ ابن كثير هي الفيصل في ضعف هذه الرواية.
(٣) قوله: "وتوارث به الناس" وردت في (السنن الكبرى للبيهقي ٦/ ٢٢٧)، ولم ترد في رواية الطبري.
(٤) ما بين معقوفين زيادة من (ح) و (حم) و (مح).
(٥) أخرجه البيهقي من طريق يحيى بن آدم عن عبد الرحمن بن أبي الزناد به (السنن الكبرى ٦/ ٢٢٧)، وما ذكره معروف عند العرب.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ولفظه، وسنده حسن.