للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في خرير من العيو … ن وظل من الشجر

وسرور من النبا … ت وطيب من الثمر

غيرته وأهله … سرعة الدهر بالغير

نحمد اللّه وحده … إن في ذا المعتبر

إن في ذا لعبرة … للبيب إن اعتبر

وقد ذمَّ الله تعالى من لا يعتبر بمخلوقاته الدالة على ذاته وصفاته وشرعه وقدره وآياته، فقال: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (١٠٥) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦)[يوسف] ومدح عباده المؤمنين [﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾] (١) قائلين: ﴿رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا﴾ أي: ما خلقت هذا الخلق عبثًا، بل بالحق لتجزي الذين أساؤوا بما عملوا، وتجزي الذين أحسنوا بالحسنى. ثم نزهوه من العبث وخلق الباطل، فقالوا: ﴿سُبْحَانَكَ﴾ أي: عن أن تخلق شيئًا باطلًا ﴿فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ أي: يا من خلق الخلق بالحق والعدل، يا من هو منزه عن النقائص والعيب [والعبث، قنا من عذاب النار بحولك وقوتك] (٢) وقيضنا لأعمال ترضى بها عنا. ووفقنا لعمل صالح تهدينا به إلى جنات النعيم، وتجيرنا به من عذاب كالأليم.

ثم قالوا: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ﴾ أي: أهنته وأظهرت خزيه لأهل الجمع ﴿وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ [أي]: (٣) يوم القيامة لا مجير لهم منك. ولا محيد لهم عما أردت بهم

﴿رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ﴾ أي: داعيًا يدعو إلى الإيمان، وهو الرسول ﴿أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا﴾ أي: يقول آمنوا بربكم فآمنا؛ أي: فاستجبنا له واتبعناه؛ ﴿رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا﴾ [أي: بإيماننا واتباعنا نبيك] (٤)، ﴿رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا﴾ أي: استرها. ﴿وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا﴾ فيما بيننا وبينك، ﴿وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ﴾ أي: ألحقنا بالصالحين،

﴿رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ﴾ قيل: معناه على الإيمان برسلك، وقيل: معناه على ألسنة رسلك. وهذا أظهر.

وقد قال الإمام أحمد: حدثنا أبو اليمان، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن عمرو بن محمد، عن أبي عقال، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله : "عسقلان (٥) أحد العروسين يبعث الله منها يوم القيامة سبعين ألفًا لا حساب عليهم، ويبعث منها خمسين ألفًا شهداء وفودًا إلى الله، وبها صفوف الشهداء رؤوسهم مقطعة في أيديهم تثجُّ أوداجهم (٦) دمًا، يقولون: ﴿رَبَّنَا


(١) هذه الزيادة ما بين معقوفين لا توجد في النسخ التي بين يدي، وهو مثبت من الأزهرية كما في طبعة الشعب، وفي نسخة جار الله كما في طبعة دار طيبة بتحقيق سامي السلامة، ومن هاتين الطبعتين أضفت النص.
(٢) هذه الزيادة من (عف) و (ح) و (حم) و (مح).
(٣) كذا في (عف) و (ح) و (حم)، وفي الأصل: "إلى" وهو تصحيف.
(٤) الزيادة من (عف) و (مح).
(٥) عسقلان: مدينة في فلسطين على ساحل البحر تقع بين غزة وبيت جبرين (معجم البلدان ٤/ ١٢٢).
(٦) الأوداج: جمع ودج وهو: عرق في العنق (الصحاح ١/ ٣٤٦).