للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَدْ يَجُوزُ، لِأَنَّ الْخَلِيلَ وَسِيبَوَيْهِ ذَكَرَا أَنَّ قَوْلَهُ: {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ}. جَمْعُ أُخْرَى وَلَمْ يَصْرِفُ آخَرَ لِأَنَّهُ مَعْدُولٌ مِنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حُسْنَى مَعْدُولًا، وَقَوْلُهُ: {قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}. الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، أَيْ: لَا تُجَادِلُوهُمْ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ. وَقَالَ آخَرُونَ: يَعْنِي جَمِيعَ النَّاسِ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَالِاخْتِيَارُ «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا» وَإِنْ كَانَ حَمْزَةُ قَدْ قَرَأَ «حُسْنَى» لِأَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، سَأَلَ رَجُلًا كَيْفَ تَقْرَأُ: «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا» أَوْ «حُسْنَى» فَقَالَ: ابْنُ سِيرِينَ أَقْرَأَنِي «حُسْنًا» فَقَالَ: أَمَّا نَحْنُ مَعْشَرَ أَهْلِ الْبَيْتِ فَنَقْرَأُ «حُسْنَى».

وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ}. فَالْيَاءُ الَّتِي قَبْلَ النُّونِ عَلَامَةُ الْجَمِيعِ، وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ «وَلَا آمِّي الْبَيْتِ الْحَرَامِ» مِثْلَ: «حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ» فَأَسْقَطَ‍ النون للإضافة، والياء سقطت لسكونها، وَلَوْلَا خِلَافُ الْمُصْحَفِ لَكَانَتْ قِرَاءَةً جَيِّدَةً.

- وَأَمَّا قوله: {من نبإ المرسلين} و {من تلقاء نفسي}. فكتبتا في المصحف من نباي وتلقاي بِالْيَاءِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ عِلَّتَهُ فِي الْأَعْرَافِ.

- وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى}. فَالْوَقْفُ عَلَيْهَا بِالْأَلِفِ، وَلَا تَكُونُ عِوَضًا فِي التَّنْوِينِ، وَهِيَ لَامُ الْفِعْلِ أَصْلِيَّةٌ، وَالْأَصْلُ: عَمَيٌّ، فَانْقَلَبَتِ الْيَاءُ أَلِفًا لِتَحُرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا.

وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمٍ» فَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ هِيَ بِالْأَلِفِ، وَأمَّا قَوْلُهُ:

«يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ» هَذِهِ الْأَلِفُ مُبْدَلَةٌ مِنْ يَاءٍ، وَالْأَصْلُ يَا وَيْلَتِي، كَمَا قَالُوا: «يَا رَبِّي» وَ «يَا رَبَّا» وَ «يَا عَجَبِي» وَ «يَا عَجَبَا» وَ «يَا حَسْرَتِي» وَ «يَا حَسْرَتَا»، فَأَمَّا قَوْلُهُ: {يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ}. فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونُ أَرَادَ: «يَا أَبتِي» ثُمَّ قَلَبَ فَقَالَ: «يَا أَبَتَا، ثُمَّ حَذَفَ الْأَلِفَ».

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ: «يَا أَبَتَاهُ».

وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَ قُطْرُبٌ: أَرَادَ يَا أَبَتًا بِالتَّنْوِينِ فَحَذَفَ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

يَا دَارَ أَقْوَتْ بَعْدَ سَاكِنِيهَا

أَرَادَ: دَارًا، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنَ الْبَصْريِّينَ: أَخْطَأَ قُطْرُبٌ: لِأَنَّ الْمُنَادَى الْمَذْكُورَ مَنْصُوبٌ مُعْرَبٌ مُنَوَّنٌ، وَلَا يَجُوزُ حَذْفُ التَّنْوِينِ، فَالرِّوَايَةُ:

<<  <   >  >>