للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دسها وأخفاها عنْ الصدقة.

وقولُه: {كذبت ثمود بطغواها}.

والباقون يظهرون التاء عند الثاء. وَقَدْ أنبأت عنْ علته، وإنما ذكرته لأن الْحَسَن قَرَأَ: «كذبت ثمود بطُغواها» بضم الطاء، والاختيار ما عَلَيْهِ النَّاس «بطغواها» لأن العرب إِذَا أَتَتْ بهذا البناء عَلَى فَعلى ظهرت الواو، وإن كانت من ذوات الياء. فإذا ضموا لَهُ أوله صحت الياء فيقولون: الفتوى والفتيا، والعلوى، والعليا، والبقوى، والبقيا، والطغوى، والطغيا. عَلَى أَنَّهُ قَدْ جاء الواو مَعَ الضم فِيْ حرف من كتاب اللَّه تَعَالى، وهو قولُه: {بالعُدْوَةُ القُصْوَى} ومعنى الطغوى، والطغيا والطغيان واحدٌ، فمعناه: كذبت ثمود بطغيانها، ولكنَّه أتى بهذا المصدر على فعلى ليوافق رءوس الآي.

كما قَالَ اللَّه تَعَالى: {إنَّ إلى ربِّكَ الرُّجْعَى} يريد: الرُّجوع. وأمَّا طَغْيَا - بفتحِ الطّاءِ والياءِ -: فالبقرة، وهي تُمدُّ وتُقصُر:

وطَغْيَا مَعَ اللَّهَقِ النَّاشِطِ‍

فجمعُ طَغْيَا من البقرة طغايا مثل مرضى ومراضى، وطغوى الَّذِي فِيْ القرآن لا يُثنى ولا يُجمع: لأنَّه مصدرٌ. ومعنى الطغيان فِيْ اللُّغة مجاوزة الشيء حده.

وقولُه تَعَالى: {وَلَا يَخَاْفُ عُقْبَاهَا}.

قَرَأَ نافعٌ وابنُ عامرٍ بالفاء «فَلَا يَخَافُ» وكذلك فِيْ مصاحفهم.

وسَمِعْتُ مُحَمَّد بْن حمدان المُقرئ يَقُولُ: قرأتُ فِيْ محراب مسجد المدينة، مدينة الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكتوبًا بالذهب من {وَالسَّمَاءِ والطَّارِقِ} إلى آخر القرآن. قَالَ: ورأيت «فلا يخاف عقباها» بالفاء مكتوبًا.

وقرأ الباقون: «ولا يَخَافُ» بالواو، وكذلك فِيْ مصاحفهم.

وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَرَأَ: «وَلَمْ يَخَفْ عُقبَاهَا» وَقَدْ روى ذَلِكَ عنْ ابْنُ الزُّبير أيضا وروى عَنْهُ: «فَدَهْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ» بالهاء فزلزل ودمدم ودهدم والهاء في «فسواها» كناية عنْ الدمدمة لأن الفعل يدل عَلَى المصدر.

وقال آخرون: «فسواها» أي: فسوى بيوتهم عَلَى قبورهم.

والهاء فِيْ «عُقْبَاهَا» فِيهِ قولان:

يكون الفعل لله تَعَالى، والمعنى: ولا يخاف اللَّه تَعَالى من يرجع يغفر بِهِ إهلاكه إيَّاها.

<<  <   >  >>