للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذاهبٌ، قَالَ الرَّاجزُ:

أبرد فِيْ الظَّلماء من مَسّ الصبَّا ... هَلْ أَنْتَ إلَّا ذاهبٌ لتغلبا

وهل بمعنى: أَقبل وتعالى، كقولِكَ: «إِذَا ذُكر الصَّالِحُوْنَ فَحَيَّهَلَا بعُمر ويروي:

ف‍ «حيّ» كلمة و «هلًا» كلمة، فأمَّا ما ذكر الخَليل: أن حيَّهل نبتٌ فهي كلمةٌ.

والوجهُ الثَّاني: هَلَا بمعنى السُّكونِ كقولِ الَّشاعِرِ:

أَعَيَّرْتَنِي دَاْءً بِأُمِّكَ مِثْلُهُ ... وَأَيُّ جَوَاْدٍ لَا يُقَالُ لَهَاْ هَلَا

أي: اسكت للجماع.

فأمَّا قولُهم فِيْ زَجر الفرس: هب، وهل فمعناه أيضًا: أقبل، وإن شئت جعلتَه قِسمًا تاسعًا. قَالَ الرَّاجِزُ:

ثُمَّ تَنادوا بعدَ تلك الضوضا ... منهم بهابٍ وهل وبابا يابا

وقولُه تَعَالى: {والشَّفْعِ وَالوَتْرِ}.

قَرَأَ نافعٌ وابنُ كثيرٍ وأبو عَمْرٍو وعاصمٌ وابنُ عامرٍ: «والوَتْرِ» بفتحِ الواوِ.

وقرأ الباقون: «الوِتْرِ» بالكسرِ. فَقَالَ أهل العربية: هما لغتان وتر وو تر.

وقال آخرون: «الوَتْرُ»: الفَرْدُ: فِيْ الذّحل والعَداوة، من قولهم: قَدْ وُتِرَ فلانٌ إِذَا قُتِلَ أَهْلُهُ وأُصيب بِبَلِيَّةٍ قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ العَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ» فهذا الحديث يُصحح أنَّ الصلاةَ الوُسطى صَلَاةُ العصر؛ لأنَّ تخصيص رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذِهِ الصّلاة دون غيرها، والأمرُ بالمحافظة عليها تَبْيِيْنٌ لقولُه تَعَالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلَاةِ الْوُسْطَى} ويؤيد ذَلِكَ الحديث الآخر: «شغلونا عنْ صلاةِ الوُسطى حتَّى غابت الشَّمس ملَأ اللَّه قُبُورهم وبُيُوتهم نارًا».

وقولُه تَعَالى: {واللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ}.

قَرَأَ ابنُ كَثِيْر: «يَسْرِى» بالياءِ؛ لأنَّ الياء لائم الفعلِ من سَرَى يَسرى مثل قَضَى يَقْضِى، فأثبتها وصلا، وو قفا عَلَى الأصلِ.

وكان أَبُو عَمْرٍو ونافعٌ يثبتان الياء وصلا ويحذفانها وقفا ليكونا قد تبعا المصحف فِيْ الوقف، والأصل فِيْ الوصل.

وقرأ الباقون بغير ياء على الوصل لتوافق رءوس الآي نحو: «والفَجْرِ وَلَيَالِ}

<<  <   >  >>