وقرأ الباقُون بالتاءِ عَلَى الخِطَابِ، والوقفُ عَلَى قولُه: {وَمَا هُوَ بِقَولِ شَاعْرٍ} تامٌّ، وكذلك: {ولا بِقَولِِ كَاهِنٍ}، ثُمَّ تَبتدئ «قَلِيلًا مَّا تُؤمِنُونَ» لأنَّ «قليلًا» تنتصب ب «تُؤمِنُونَ» وما مَعَ الفعل مصدر، والتقدير: قليلا إيمانهم.
وقال آخرون: «ما» صلةٌ، والتَّقديرُ: يؤمنون قليلًا.
فإن قيلَ لَكَ: ما ذَلِكَ الِإيْمَانُ القَليل وهُم فِي النَّارِ؟
فالجوابُ: أنَّهم أَقرُّوا بأنَّ اللَّه تَعَالى خلقهم وكفروا بمحمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأبطل إيمانهم بالله كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم.
وقال آخرون: لا يؤمنون قليلًا ولا كثيرًا، قَالَ: هَذَا كما تَقُولُ العربُ: مررتُ بأرضٍ قل ما تنبت إلا الكراث، لا تُنبت إلا الكراث.
وحَدَّثَنَا ابنُ مجاهدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الخَزَّازُ، عنْ مُحَمَّد بْن يَحيى، عنْ عُبَيْدٍ، عنْ هارون، عنْ أَبِي عَمْرٍو: «قَلِيلًا مَّا يُؤمِنُونَ» و «مَّا يَذَّكَّرُونَ» بالياء.
وقولُه تَعَالى: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}.
اتَّفق القُراء عَلَى فَتح التَّاءِ، وكسرِ العَين، وفتحِ الياء، وزنه من الفعل تَفْعلها {لنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً} نصبٌ بلام كي، والأصل: ولتوعيها؛ لأنَّه من وَعي يَعي: إذا حَفِظَ، فلما وقعت الواو بين الياء والكسرةِ سقَطت، وبقيت العين والياءُ، وفاءُ الفعل ساقطة، وإنما ذكرت هَذَا الحرف لأنَّ القَوَّاس روى عنْ ابْنُ كثيرِ «وَتَعْيَهَا أُذُنٌ واعِيَةٌ» أراد: الكسرة، فأسكن تخفيفا، كما قَرَأَ حَفْص: «ويخشَى اللَّه ويتقْه» بجزم القاف أراد: ويتَّقِهِ فأسكن ومثله أن تَقُولُ فِي مَلِكٍ: ملْك، وفي فَخِذ فَخْذٍ، وينشد.
مِنْ مشية في شعر ترجله ... تمشي الملك عليه حلله
وما أنزل الله تعالى: {وتعيها أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}. قَالَ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُا أُذُنَ عليٍّ».
فإن قيلَ: كيف تُجمع واعيةٌ؟
فقل: أَواعي، والأصلُ وَوَاعِي، فكرهُوا الجمعَ بين واوين فجَعَلُوا الُأولى همزةً؛ لأن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute