للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صَاحِبَكَ؟

قَالَ: لِلَّهِ دَرُّ بَنِي سُلَيْمٍ مَا أَشَدَّ فِي الْهَيْجَاءِ قِتَالَهَا، وَأَكْرَمَ فِي اللَّزَبَاتِ عَطَاءَهَا، وَأَثْبَتَ فِي الْمَكْرُمَاتِ بِنَاءَهَا، وَاللَّهِ لَقَدْ قَاتَلْتُهَا، فَمَا أَجْبَنْتُهَا، وَسَأَلْتُهَا فَمَا أَبْخَلْتُهَا وَهَاجَيْتُهَا فَمَا أَفْحَشْتُهَا، فَأَمَّا قَوْلُ الشَّاعِرِ:

لَسْتُ أُبَالِي أَنْ أَكُونَ مُحْمِقَهْ ... إِذَا رَأَيْتُ خِصْيَةً مُعَلَّقَهْ

فَإِنَّهُ يُقَالُ: أَحْمَقَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا وَلَدَتِ الْحَمْقَى، فَتَقُولُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ: لَسْتُ أُبَالِي إِذَا وَلَدْتُ ذَكَرًا أَنْ يَكُونَ أَحْمَقَ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ}.

قَرَأَ الْكِسَائِيُّ: «وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ» بإشمام القاف الضم، وكذلك «وسيق» و «جيء» وَ «حِيلَ» وَ «وَسِيءَ» وَ «وَسِيئَتْ» وَ «وغيض» وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَحْرُفٍ بِالضَّمِّ، وَكَسَرَ الْبَاقِي «سِيقَ» «وَحِيلَ» «وَسِيءَ» وَ «وَسِيئَتْ».

وَقَرَأَ مِنْ ذَلِكَ حَرْفَيْنِ نَافِعٌ بِالضَّمِّ «وسيئ» «وَسِيئَتْ».

وَالْبَاقُونَ يَكْسِرُونَ أَوَائِلَ ذَلِكَ كُلَّهُ، فَمَنْ كَسَرَ يَقُولُ: هُوَ فِعْلٌ لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَالْأَصْلُ قُوِلَ مِثْلُ ضُرِبَ فَاسْتَثْقَلُوُا الْكَسْرَةَ عَلَى الْوَاوِ فَنُقِلَتْ إِلَى الْقَافِ بَعْدَ أَنْ أَزَالُوا حَرَكَةَ الْقَافِ، ثُمَّ قَلَبُوُا الْوَاوَ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، كَمَا قَالُوا: مِيزَانٌ وَمِيعَادٌ، وَمِيقَاتٌ، وَالْأَصْلُ: مِوْزَانٌ، وَمِوْعَادٌ، وَمِوْقَاتٌ، فَقَلَبُوُا الْوَاوَ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا.

وَمَنْ ضَمَّ أَوَّلَهَا، قَالَ: بَقِيَتْ عَلَامَةُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَأَمَّا مَنْ كَسَرَ بَعْضًا وَضَمَّ بَعْضًا، فَقَدْ قُلْتُ فِيمَا تَقَدَّمَ: إِنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ، فَأَمَّا قَوْلُ الشَّاعِرِ:

وَاسْتُعْجِمَتْ عَجَلٌ وَأُمُّ الرَّحَّالْ ... وَقُولَ لَا أَهْلَ لَهَا وَلَا مَالْ

فَإِنَّ هَذِهِ لُغَةُ قَوْمٍ يُشْبِعُونَ ضَمَّةَ أَوَّلِ الْحَرْفِ إِذَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، فَتُقْلَبُ الْيَاءُ وَاوًا، وَهِيَ لَا تَدْخُلُ فِي الْقِرَاءَةِ بِخِلَافِ الْمُصْحَفِ، وَلِأَنَّهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ شَاذَّةٌ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {السُّفَهَاءُ أَلَا}.

قَرَأَ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ والْكِسَائِيُّ وَابْنُ عَامِرٍ بِهَمْزَتَيْنِ عَلَى أَصْلِ الْكَلِمَةِ، هَمْزَةُ «أَلَا» وَهِيَ مَفْتُوحَةٌ، وَهْمَزَةُ «السُّفَهَاءُ» وَهِيَ مَضْمُومَةٌ.

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَيَّنُوُا الثَّانِيَةَ كَرَاهَةً لِاجْتِمَاعِ هَمْزَتَيْنِ، غَيْرَ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا إِذَا كَانَتِ الْهَمْزَتَانِ مُتَّفِقَتَيِ الْحَرَكَتْيِنِ، وَهُمَا: أَنْ يَكُونَا مَضْمُومَتَيْنِ، نَحْوَ: {أَوْلِيَاءُ}

<<  <   >  >>