للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأول الآية: {يَدُ اللهِ فَوقَ أَيِديهِمْ}.

فِيهِ ثلاثُ أقوالٍ:

أي: يَدُ اللَّه بالمِنَّةِ عليهم. أن هَذَا هُوَ الْإِسْلَام أعظمُ من يَدِهِمْ بالطَّاعَةِ.

وقيلَ: يدُ اللَّه بالوَفاء بِمَا وَعَدَهُمْ.

وقيلَ: يدُ اللَّه فوق أيديهم بالثَّوابِ.

{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} وقيل: كانُوا ألفًا ومائتين، وقيل: أربعمائة وقيل أَربعةُ آلافٍ، والشَّجرةُ كانت سَمُرَةً. وأما قولُه: {سِدْرَةِ المُنْتَهَى} فشجرةُ النَّبْقِ، النَّبْقُ: الأصلُ. وأمَّا شجرةُ طُوْبَى فساقُها:

الذَّهب، وثمارُها: الدُّرُّ، وأما شجرة الزقوم التي {طلعها كأنه رؤس الشياطين} فقيل: الشياطين حيات وحشة الخلقة، وقيل: نباتٌ وحشُ المنظرِ. وأمَّا قولُه تَعَالى: {ولا تَقْرَبَاْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ} فقيل: البُرَّةُ، وقيل: الكرمةُ.

وأمَّا قولُه: {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} فهي النَّخلةُ، ضربت مثلًا للمُؤمن، والشَّجَرَةُ الخَبِيْثَةُ: الحَنْظَلُ.

فإن سأَل سائِلٌ فَقَالَ: إن أهلَ العراقِ زَعَمُواْ أنَّ الرَّجُلَ إذا قَالَ لآخرٍ: يا خبيثُ وَجَبَ أنْ يُعَزَّرَ. فما معنى الخَبِيْثُ فِي اللُّغة؟ .

فالجوابُ فِي ذَلِكَ أنَّ أصلَ الخَبِيْثِ: كلُّ مكروهٍ. فإن كَانَ فِي الكَلامِ فهو الشَّتْمُ والقَذْفُ، وإن كَانَ فِي الدِّين فهو الكفرُ والبِدْعَةُ وإن كَانَ فِي الطَّعامِ فهو الضَّارُّ. وإن كَانَ فِي الأموالِ فهو الحَرَامُ فلأنَّ خَبِيْثَ النَّفْسِ إذا كانت نَفْسُهُ غير طيبة يُقال: خبثت نفسُهم وغثت ولقست وتقست وتبعثرت. وَيُقَال: فلانٌ خَبيثٌ فِي نفسِهِ ومُخْبِثٌ لَهُ أصحابُ خُبَثَاءُ.

قَالَ الأخفشُ: خَبِيثٌ من الرِّجال يُجمع خُبَثَاء، وخبيثٌ من غيرِ الآدميين يجمعُ خُبَاْثًا. ويُروى عنْ النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: خَبُثتُ نَفْسي وَلكِنْ يَقُوْلُ: لَقِسَتْ» وقولُه: {شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ} فهو البِطِّيخُ والقَرَعُ والحَنظَلُ وكلُّ ما لا يقوم على ساق. وأما {والشجرة المَلعُونَةَ} قيل: شجرةُ الزَّقُّومِ.

وقال آخرون: بل يعني قوما بأعيانهم.

<<  <   >  >>