فقل: أضمر المَصْدَرَ، والتَّقديرُ: لِيُجْزَى الجَزَاءُ قومًا.
فإن قيلَ: لِمَ أسكنَ اليَاءَ فِي لِيُجْزَى قومًا عَلَى ما لم يُسم فاعله، واللَّامُ لامُ كَيْ؟
فالجوابُ فِي ذَلِكَ: أن هذه الياءَ، وإن كانت مكتوبةً فِي الخَطَّ ياءً فإنها ألفٌ منقلبةٌ من الياء، والأصل: ليجزيَ مثل ليضربَ فصارت الياءُ ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
وقولُه تَعَالى: {لَهُمْ عَذَابٌ مَّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ}.
قرأ ابنُ كثيرٍ وحفصٌ وعاصمٍ بالرَّفعِ للعذابِ.
وقرأ الباقون بالخَفْضِ رَدًّا عَلَى رَجْزٍ. وقد فسرتُ نظير ذَلِكَ فيما تقدم.
وقوله: {سَوَاءً مَحْيَاهُمْ}.
قرأ حمزةُ والكِسائيُّ وحفصٌ، عنْ عاصمٍ: «سَوَاءً» نصبا يجعلونه مفعولًا ثانيًا من «يَجْعَلُهُمْ»، والهاء، والميم المفعول الأول فإن جعلت «كالَّذِيِْنَ آمنوا» المفعول الثَّاني نصبتَ «سواءً» عَلَى الحالِ، وهو وقفٌ حسنٌ، وترفع «مَحْيَاهُمْ» بمعنى استَوى ومماتهم والأصلُ: فِي محياهم محييهم لأنَّ وزنَهُ مفعلهم من الحَياة، فانقلبت الياءُ ألفًا لتحركها، وانفتاحِ ما قبلها كما قَالَ: {ونُسُكِيْ ومحياي ومماتي} والأصل: محييي بثلاث ياءات، الأول: عين الفعلِ، والثانيةُ: لامُ الفعلِ، والأخيرة، ياءُ الِإضافةِ. ومن قرأ «فَمَنْ تَبعَ هُدَيَّ» قرأ «ومحيي» وقد قرأ ابْنُ أَبِي إِسْحَاق؛ لأنَّه خط الألف إلى الياءِ أدغم إذ كان الحرفُ قد لقي شكله.
وقرأ الباقون: «سواء» بالرفع جعلوه مبتدئا وما بعده خبرا عَنْهُ. ويكونُ الوقفُ عَلَى قَولِهِ: «وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ» تامًّا.
وقولُه تَعَالى: {وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً}.
قرأ حمزةُ والكِسَائِيُّ «غَشْوَةً» جعلاه كالرّجعة والخَطفة.
وقرأ الباقون: «غِشَاوَة» جعلوه مصدرًا مجهولًا والفَعلة من المَرَّةِ الواحدِة.
وقال آخرون: الغِشاوة والغَشاوة والغُشاوة، والغَشوة والغِشوة والغُشوة بمعنًى واحد، وهو الغطاء. قال الشاعر:
صحبتك إذ عيني عليها غشاوة ... فلما انجلت قطعت نَفْسِيْ أَلُومُهَا
وقال بعضُ أهلِ النَّظَر: إنما قيلِ: غِشاوة عَلَى فِعالة لاشتمالها عَلَى البَصر بظلمتها، وكلُّ ما اشتمل عَلَى الشيءِ فإنه يبني عَلَى فِعالة، قَالَ: وكذلك الصّناعات عنْ الخياطة