وقرأ الباقون: «سَلَفًا» وهو الأسير فِي كلامهم.
وسَمِعْتُ ابنَ أبزون الحَمْزِيَّ يَقُولُ: قيلَ لحَمزة: مَنْ قرأ: «سُلُفًا» قَالَ النَّاسُ، قيل: من هُم؟ قَالَ: أَنا.
وفيها قراءةٌ ثالثةٌ: حَدَّثَنِي ابن مجاهد، عن السمري، عن الفراء، قال: أخبرني سُفيان بنُ عُيَيْنَةَ أنَّ الأعرجَ قرأ «سُلَفًا» بفتح اللَّام جعله جمعَ سُلْفَيةٍ مثل غُرفة وغُرَف، وكذلك «زُلَفًا مِنَ اللَّيْل» جمع زُلْفَةٍ.
وقولُه تَعَالى: {إذا قُوْمُك مِنْهُ يَصِدُّوْنَ}.
قرأ نافعٌ والكِسَائِيُّ وابنُ عامرٍ: «يصُدون» بضم الصاد، ومعناه يعرضون ويعدلون، وشاهدهم: {كبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ}.
وقرأ الباقون: «يَصِدُّوْنَ» بكسرٍ الصادِ أي: يضجُّون قَالُوا: لأنَّه يُقال: ضجَّ من ذَلِكَ، ولا يُقال: صدَّ من ذَلِكَ، إنما يُقال: صَدّ عنْ ذَلِكَ، وقال الكِسَائِيُّ: صدّ يصُدُّ، وصدّ يَصَدُّ بمعنًى واحدٍ، جعلهما لُغتين.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّه: يقال: صدّني عنْ ذَلِكَ الأمرُ، وأَصدَّني لُغتان فصيحتان.
وقولُه تَعَالى: {يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ}.
قرأ ابْنُ عامر وحده: «يَا أَيُّهُ» اتباعًا للمُصحف.
وقرأ الباقون: «يا أيها».
فإن قيلَ لَكَ: خاطبوا نَبيهم بالسَّاحر. وقد سألوه أن يدعو لهم؟
ففي ذَلِكَ أجوبةٌ:
أحدهما: أنهم قالوا يا أيها الفَطِنُ العالمُ؛ لأنَّ السّحر عندهم دقَّةُ النّظر والعلم بالشّيء كالسّحر الحلال، يُقال: فلان يسحر بكلامه.
وقال آخرون: معناه: أنّهم خاطبوه بما تقدم لهم من التَّشبيه لهم إياه بالسَّاحر.
وقولُه تَعَالى: {وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ}.
قرأ ابْنُ عامرٍ وحده بكسر الألِف جعله تمام الآية، والوقف عَلَى قولِهِ: «إذْ ظَلَمْتُمْ» ثُمَّ استأنف «إِنَّكُمْ» لأنَّ «إنّ» إذا كانت مبتدأةً كانت مكسورةً.
وقرأ الباقون: «أَنَّكُمْ» بالفتحِ، جعلوا «أنّ» اسمًا في موضعِ رفعٍ، ولن ينفعكم اليوم اشتراككم فِي النَّارِ حيث ظلمتم أنفسكم فِي الدُّنيا.