للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِلْمُصْحَفِ، لِأَنَّ {الْمَشْئَمَةَ} كُتِبَ فِي الْمُصْحَفِ بِغَيْرِ ألف و {موئلا} بِغَيْرِ يَاءٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَقِفُ منهن جرا بغير واو، ويقف {هزوا} و {كفوا} بِوَاوٍ، لِأَنَّهَا كَذَلِكَ كُتِبَتْ فِي الْمُصْحَفِ.

وَرَوَى وَرْشٌ، عَنْ نَافِعٍ بِتَرْكِ الْهَمَزَاتِ السَّاكِنَاتِ وَالْمُتَحَرِّكَاتِ، وَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ:

أَنَّ الْهَمْزَةَ الْمُتَحَرِّكَةَ أَثْقَلُ مِنَ الْهَمْزَةِ السَّاكِنَةِ، وَكَانَ يَقْرَأُ: «وَيُوَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ»، «وَيُوَدِّهِي إِلَيْكَ» وَكَانَ يَنْقُلُ حَرَكَاتِ الْهَمَزَاتِ إِلَى السَّاكِنِ قَبْلَهَا وَكَانَ يَقْرَأُ «قَدَ أَفْلَحَ» يُرِيدُ: «قَدْ أَفْلَحَ» وَكَذَلِكَ: «فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أحدهم ملء الَارْضِ» أَنْشَدَنِي ابْنُ عَرَفَةَ شَاهِدًا لِوَرْشٍ:

تَضَوَّعَ مِسْكًا بَطْنُ نَعْمَانَ أَنْ مَشَتْ ... بِهِ زَيْنَبٌ فِي نِسْوَةٍ عَطِرَاتِ

وَلَمَّا رَأَتْ رَكْبَ النُّمَيْرِيِّ أَعْرَضَتْ ... وَكُنَّ مِنَ أَنْ يَلْقَيْنَهُ حَذِرَاتِ

أَرَادَ: «مِنْ أَنْ» بِنَقْلِ فَتْحَةِ الْهَمْزَةِ إِلَى النُّونِ.

وقرأ الباقون: «يؤمنون»، «وَيُؤْثِرُونَ»، «وَيُؤَخِّرْكُمْ» وَ «وَيَأْلَتْكُمْ» وَ «وَالْكَأْسَ» «وَالْبَأْسَ».

كُلُّ ذَلِكَ مَهْمُوزٌ عَلَى الْأَصْلِ.

وَاخْتُلِفَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو فِي الْأَسْمَاءِ الْمَهْمُوزَةِ، فَرَوَى بَعْضُهُمْ عَنْهُ بِتَرْكِ الْهَمْزِ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ مُجَاهِدٍ، وَرَوَى عَنْهُ آخَرُونَ بِالْهَمْزِ.

فَإِنْ سَأَلَ سَائِلٌ: لِمَ هَمَزَ أَبُو عَمْرٍو «الْكَأْسَ» «وَالْبَأْسَ» وَلَمْ يهمز «يؤمنون»، «وَيُوتُونَ»؟

فَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْفِعْلَ ثَقِيلٌ، وَالْهَمْزَةُ ثَقِيلَةٌ، وَالِاسْمُ خَفِيفٌ، فَحَذَفُوا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَثْقَلُوهُ وَأَثْبَتُوا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَخَفُّوهُ.

- قَوْلُهُ تَعَالَى: {بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ}.

قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَحْدَهُ «بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ» لَا يَمُدُّ حَرْفًا لِحَرْفٍ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْمَدِّ.

فَمَنْ مَدَّ، قال: الألف خفيفة، والهمزة فَقَوَّوْهُمَا بِالْمَدِّ.

وَمَنْ لَمْ يَمُدَّ حَرْفًا لِحَرْفٍ أَتَى بِالْكَلِمَةِ عَلَى أَصْلِهَا، لِأَنَّ الْكَلِمَتَيْنِ مِنْ حَرْفَيْنِ، وَشَبَّهَهُ بِالْإِدْغَامِ فِي حَرْفَيْنِ وَفِي حَرْفٍ، فَإِذَا كَانَ مِنْ كَلِمَةٍ لَمْ يَجُزْ إِلَّا الْإِدْغَامُ، نَحْوَ:

فَرَّ وَمَدَّ، وَإِذَا كَانَ مِنْ كَلِمَتَيْنِ كُنْتَ بِالْخِيَارِ، كَقَوْلِكَ: جَعَلَ لَكَ، وَجَعَلْ لك، واتفقوا

<<  <   >  >>