للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان الْحَسَن الْبَصْرِيّ تقلد القضاء، فَقَالَ: لا يقربني عونٌ ولا منكبٌ، ولا شرطِيٌّ، والمنكبُ: عون العَريف، وقيل: المنكبُ: قومُ العريف. فازدحم الناس على الحسن فقال: لا بد للناس من وَزَعةٍ. وبعث إلى السُّلطان حَتَّى أَمدَّه بالأَعوانِ. ومَن قَالَ: أنّ رجلًا شتم أبا بَكْر رحمة اللَّه عَلَيْهِ فِي وجهه فَلَطَمَهُ رجلٌ من الأنصارِ، فقالوا لأبي بَكْرٍ: اقتصَّ لنا، فَقَالَ: إني لا اقتَصُّ مِمَّن وَزَعَةِ اللَّه. وشبيهةٌ بهذا أنَ عليًّا صَلَوَاتُ اللَّه عَلَيْهِ لَطَمَ رَجُلًا فِشَجَّهُ فَشَكَا عليا إلى عُمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فدعا عليًّا، وقال: ما أردت من هَذَا، فَقَالَ: إنّي رأيته يُسارُّ امرأةَ خاصٍّ من خَوَاصِ اللَّه. فَقَالَ عُمَر: إنَّ لِلهِ عُيُوْنًا فِي أرضه، وإن عليا عين الله في أرضه، أي: خاصَّتُهُ. وفي خبر آخر قَالَ: لِمَ لَطَمْتَهُ يا أَبا الْحَسَن؟ قَالَ رأيتُه ينظر إلى حُرَمِ المُسلمين فِي الطَّوافِ. فَقَالَ للمَلطُوْمِ:

وَقَعَتْ عليك عينٌ من عيون اللَّه تَعَالى. قَالَ ثعلبٌ: معناه خاصٌّ وأمَّا قولُه تَعَالى {أَوْزِعْنيْ أَنْ أَشْكُرَ} فمعناه ألْهِمْنِي. وأمَّا قولُ الشاعر:

فإني بها يا ذا المَعَارِجِ مُوْزَعُ

فمعناه: مُولَعٌ. وَيُقَال: أحكمت الرَّجُلَ بمعنى وَزَعْتُهُ، ومنه حكمة الدَّابة لأنَّها تمنعها وتحبسها، ويُنشَده:

وإنَّكُمَا إنْ تُحْكِمَانِيْ وتُرْسِلَا ... عَلَيَّ غُوَاةَ الناس أمت وتضلعا

قوله تعالى: {وما تخرج مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا}.

قرأ نافعٌ وابنُ عامرٍ وحفصٌ، عنْ عاصمٍ: «ثَمَراتٍ» عَلَى الجماعة، واحتجُّوا بأنه فِي المَصاحف بالتاءِ. وقرأ الباقون: «من ثَمَرَةٍ» عَلَى التَّوحيد، واحتجوا بأنّه فِي مُصحف عبدِ اللَّه مكتوب بالهاءِ، لأنَّ الثمرة تؤدي عنْ الثمار؛ لأنَّه الجنس. والأَكمامُ:

واحدها كمٌّ فِي قول الفَرَّاء، وكمةٌ فِي قولِ أَبِي عُبَيْدَةَ، وهو الكفرى، والجفرى، ويجوز أن يكون كمَّةٌ واحدَ الكُم، والَأكمامُ جمعُ الجَمْعِ.

وقوله: {ء أعجمي وعَرَبِيٌّ}.

فِيهِ أربعُ قراءاتٍ:

قرأ أهلُ الكوفةِ: «أأعجمي»» بهمزتين.

الأولى ألف الإنكار والتَّوبيخ عَلَى لفظِ‍ الاستفهامِ.

والثانيةُ ألفُ القطع، لأنَّه يُقال: رجلٌ عَجَمِيُّ إذا كان لا يُفصح، وإن كان عربي

<<  <   >  >>