والباقون بالقطع، وهو الاختيار، لأنّ الألف فِي أول الأسماء الأعجمية لا تكون إلا مقطوعة نحو إسرائيل وإبراهيم.
قولُه تعالى:{سلام على إل ياسين}.
بقَطع الألف دلالة عَلَى قطعها هناك، واتفاق الجميع. وقوله تعالى:{سلام على إل ياسين} قرأ نافعٌ وابنُ عامرٍ «سَلامٌ عَلَى آلِ ياسين» كأنّه آل مُحَمَّد كما قِيل فِي:
يَاسين، يا مُحَمَّد يا رَجُل. وآل مُحَمَّد: كل من آل إِلَيْه بقرابة أو بحسب.
وقال آخرون: آلُ مُحَمَّدٍ كلُّ من كان على دينه. قَالَ:«أَدْخِلُواْ آلَ فِرْعَوْنَ» وأجمع النُّحويون عَلَى أن آل أصله أهل فقَلبُوا الهاءَ همزةً، وجعلوها مدَّةً، لئلا يجتمع ساكنان، كما قَالَ، والدَّليل عَلَى ذَلِكَ: أنَّك إذا صغرت آل قُلت: أُهَيْلٌ ولا يجوز أُويل، ردُّوا إلى الأصلِ، لا إلى اللَّفظ، وكذلك تَفعل العَرَبُ بأكثر المصغرات أن يردوه إلى أصله، ولا يبقى عَلَى لفظه. وربما تُرك كقولك فِي تصغير عيد: عييد، ولم يقولوا: عويد، وأصله الواو، كما قَالُوا فِي جمعه: أعياد، ولم يقولوا أعواد، لئلا يشتبه بتصغير عود وجمعه، فاعرفه فإنه حسنٌ جدًّا.
عَلَى أن الكِسَائِيّ قد حكى تارة عَلَى الأصل، وتارة عَلَى اللَّفظ أويلًا وأهيلًا.
وقرأ الباقون:«سَلَامُ عَلَى إلْيَاسِيْن» بكسر الألف وإلياسَ وإن كان جمعًا فِي اللَّفظ فإنه واحدٌ، وهو إدريس النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
واحتَّج من قرأ بهذه القراءة أنَّ فِي حرف ابْنُ مَسْعُودٍ:«سَلَامٌ عَلَى إدراسين»«وإن إدْريْسَ لَمِنَ المُرْسَلِيْنَ» فَقَالَ الحُذاق من النَّحويين: إن المعروف اسم النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إدريس، وإلياسين، إنما جمع فقيل: إدراسين وإلياسين؛ لأنه أريد النَّبيّ ومن معه من أهل دينه، كما يقال المسامعة والمهالبة: يريدون مَسِمعًا ومُهلَّبًا ومن معهما، قَالَ الشَّاعِر:
قَدْنِي من نصر الخبيبيين قَدِي
قَالَ: أرادَ أبا خُبَيْبٍ، وهو ابنُ الزَُبَيْرِ ومن تابعه فجُمع عَلَى ذَلِكَ. هَذَا قول أَحْمَد بْن يَحيى. وقال مُحَمَّد بْن يزيد: من نصر الخبيبيين عَلَى لفظ الاثنين أراد: ابني الزَُبَيْر كما قَالَ: سُنَّة العُمَرَينِ.