كَذِلِكَ زَيْدُ المَرْءِ ثُمَّ انتِقَاصُهُ ... وتِكْرَارُهُ فِي أَمْرِهِ بعد ما انْقَضَى
قَالَ اللَّه تَعَالى وهو أصدقُ قيلًا: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً}.
وقولُه تَعَالى: {وَهُمْ يَخِصِّمُوْنَ}.
قرأ حَمزةُ وحدَه: «يَخْصِمُوْنَ» مخفَّفًا مثل يَضْرِبُوْنَ.
وقرأ ابنُ كَثيرٍ: «يَخَصِّمُوْنَ» بفتحِ الياءِ والخاءِ وتَشدِيْدِ الصَّاد.
وقرأ نافعٌ وأبو عمرٍو كذلك، غير أن أبا عمرٍو يختلس الحركة، ونافعٌ يسكّن الخاءَ، واختلف عنْ عاصمٍ فروى عَنْهُ: «يَخِصِّمُوْنَ» بفتح الياء وكسر الخاء، وَرُوِيَ عَنْهُ بكسرِهما، وقد ذَكرتُ علل ذَلِكَ عند {أَمَّنْ لَا يَهِدِّيْ}.
وقولُه تَعَالى: {فِيْ شُغُلٍ فَاكِهُوْنَ}.
قرأ أهلُ الكوفةِ وابنُ عامرٍ: «شُغُلٍ» بضمتين مثل الرُّعُبِ، والسُّحُتِ.
وقرأ الباقون: «شُغْلٍ» ساكنًا، فيكونان لغتين ويجوزُ أن يكونَ الشُّغْلُ مخففا من شُغُلٍ، وَيُقَال: المشغل والشُّغُلُ بمعنى الشُّغْل، ويُنْشَدُ:
مَا كَانَ حَبْسِي عَنْكَ إلَّا شُغْلًا
وقال المُفَسِّرُوْنَ: فِي قولِه تَعَالى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ} قيلَ:
افِتضَاضُ الأَبكار، وقيل: استماع الأَلحان، {فَاكِهُونَ}، أي: قد كَثُرَ ذَلِكَ عندهم، وأنشد:
أَغرَزْتَنِي وَزَعَمْتَ أَنْ ... نَكَ لابِنٌ فِي الصَّيْفِ تَامِرْ
أي: كثيرُ اللَّبَنِ وكثيرُ التَّمْرِ.
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ أخو المَحَامِلِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّه مَوْلَى بني هاشم، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَان الحِمْيَرِيّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبا هريرةَ يقرأ «إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُوْنَ» بفتحتين.
وقولُه تَعَالى: {فِي ظِلَالٍ}.
قرأ حمزة والكسائي «ظلل» جمع ظل، والظِّلُّ ما نسخته الشَّمسُ، وهو ما كان من أول النهار، الفيء: ما كان بعدَ الزَّوالِ؛ لأنَّه ظَلٌّ فاء من جانبٍ إلى جانبٍ، أَنْشَدَنِيْ ابنُ عَرَفَةَ: