قد ذكرتُ الاختلافَ فِي الهَمزتين فِي مواضعَ، وإنَّما أعدتُ ذكره لأنَّ المُفَضَّل روى عنْ عاصمٍ:«أيِنْ ذُكِّرْتُمُ» كقراءة ابنِ كثيرٍ بهمزة مقصورة بعدها ياءٌ مكسورة؛ ولأن أبا رَزين قرأَ:«أَيْنَ ذُكِّرْتُمْ» يريد: الآن؛ ولأنَّ ابْنُ حَوْشَب قرأ:«إنْ ذُكِّرْتُمْ» يريد:
لَئِنْ ذُكِّرْتُمْ: وقد استقصيت علل ذَلِكَ فِي كتابِ «الألفات».
وحدثني ابن مجاهد، عن محمد بن هارون، عنْ الفَرَّاءِ، قَالَ: قَرَأَ بعضُهُم: «قَالَ طَيْرُكُمْ مَعَكُمْ» أي: شِؤمكم. تَقُولُ العربُ: طائرٌ لا طَيْرُكَ وطائِرٌ لا طائِرُكَ. والطَّيْرُ:
جمعُ طائرِ.
ورَوى عنْ الْحَسَن، قَالَ:«طَيْرُكُمْ مَعَكُمْ» فالطيْرُ أيضًَا الذُّنُوب، كقوله:{وكلُّ إنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}. والطِّيَرَةُ فِي قولِ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لا عَدْوَى، وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ، ولا غُوْلَ، ولَا طِيَرَةَ» فإنّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يتبرك بالفألِ وينهى عنْ الطِّيَرَةِ، والفألُ: أن يكونَ لَكَ عليلٌ وتسمع يا سالِمُ فتَبَرَّكُ بِهِ، والطِّيَرَةُ: أن يخرجَ الرَّجُلُ من منزلِه فَيرى رجلًا أعورَ فيرجعُ إلى منزله تَطَيُّرًا، فيقال: طارَ يَطِيْرَ طيرًا وطيرانًا وطَيْرُوْرَةً ومَطَارًا وطِيَرَةً، وطارَ الرَّجُلُ فِي حاجَتِهِ: إذَا أسرعَ، وفلان لا يطيرُ غُرابه، وهو ساكنُ الطَّيْرِ: إذا كان ذَا وقارٍ وسَمْتٍ سِكِّيْتًا، وفلانٌ ما يطور بنا أي: لا يقر بنا. وما فِي الدَّارِ طُوْرِىُّ، ولا طُوَارِىٌّ أي: أحد.