إذا تكلّم بما لا يفهم.
وكان الكّفارُ إذا سَمِعُوا قراءةَ رَسُولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تكلَّمُوا بالفحش، وهَذَوا وسَبُّوا. فَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ} أي: بالقرآن. وقيل: بالبَيتِ العتيق، سامرًا وجَمعه: سُمَّارٌ، وهم الَّذِيْنَ يتحدثون باللَّيْلِ فِيْ السَّمرَ. والسَّمَرُ: ظِلُّ القمر، يقال له: الفخت، والدارة حول القمرِ: الهالةُ والسّاهور: غلافُ القَمَرِ. وقد قرئ «مستكبرين به سمارا تهجرون» و {سامرا تَهْجُرُونَ}. فمن قرأ سُمَّرًا جعله جمع سامرٍ مثل غائبٍ، وغُيَّبٍ.
وقد جَعَلَ بعضُهم الِإهجار هاهنا. التَّرْكُ.
وقرأ الباقون «تَهْجُرُونَ» من الهجران. يقال: هجر فلان فُلانًا: إذا صَرَمَهُ، وهَجَرَ بلاده: إِذَا خَرَجَ منها وتَركها، فشبَّه الله تَعَالى من تَرَكَ القرآنَ والعَمَل بِهِ كالمُهاجر لِرُشْدِهِ.
وقولُه تَعَالى: {فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيرٌ}.
قرأ ابن عامر، «خَرْجًا فَخَرجُ ربِّكَ».
وقرأ ابن كثيرٍ ونافعٌ وَأَبُو عَمْرو وعاصمٌ: «خَرْجًا فخراج ربِّكَ».
وقرأ حمزةُ والكِسَائِيُّ «خَراجًا. فَخَراجٌ رَبِّكَ» وقد ذكرتُ علّته فِيْ الكَهْفِ وهي الأتاوة التي يأخذها السُّلطان من بعض الرّعيّة.
وقولُه تَعَالى: {سَيَقُولُونَ لِلهِ}.
قرأ أَبُو عَمْرو وحدة «سَيَقُولُونَ الله» بألفٍ فِيْ الحرفين الأخيرين، وكذلك فِيْ مصاحِف أهلِ البصرةِ. وذلكَ أنَّ القائلَ إِذَا قَالَ لِمَنْ هَذِهِ الضّيعة؟ جازَ أن تقولَ:
لفلانٍ، أو صاحبها فلانٌ، أنشدَني ابنُ مجاهد:
وأَعْلَمُ أنَّي سأكونُ رِمْسًا ... إِذَا سَارَ النَّواجِعُ لا يَسِيْرُ
فَقَالَ السَّائِلُون لِمَنْ حَفَرْتُمْ ... فَقَالَ المُخْبِرُوْنَ لَهُمْ وزير
وقرأ الباقون: «لِله»، «لِله»، «لِله» ثلاثها، واحتَجُّوا بمُصْحَفِ عُثْمَان الذي يُقالُ: إنه الإمام كَذَلِكَ كُتبت فيه، وكذلك مصاحفُ أهلِ الحِجَاز والكوفةَ والأمر فيهما واحد، وهو صواب ولله الحمد.