وَقَالَ آخَرُونَ: الْقِسْطَاسُ بِالرُّومِيَّةِ تَكَلَّمَتِ الْعَرَبُ بِهَا وَهُوَ الْقَرَسْطُونُ وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الشَّاهِينُ.
وَفِيهَا قِرَاءَةٌ ثَالِثَةٌ: رَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ: «وَزَنُوا بِالْقِصْطَاسِ» الْحَرْفُ الْأَوَّلُ بِالصَّادِ، فَإِنْ صَحَّ هَذَا فَإِنَّمَا قُلِبَتِ السِّينُ صَادًا لمجيء الطَّاءِ بَعْدَهَا كَمَا قُرِئَ «الصِّرَاطُ» وَالْأَصْلُ: السِّرَاطُ، وَقَدْ مَرَّتْ عِلَّةُ ذَلِكَ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا}.
قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَابْنُ عَامِرٍ «سَيِّئُهُ» مُضَافًا.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «سَيِّئَةً».
فَمَنْ أَضَافَ فَشَاهِدُهُ قِرَاءَةُ أُبَيٍّ «كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئَاتُهُ» بِالْجَمْعِ مُضَافًا.
وَمَنْ لَمْ يُضِفْ قَالَ: لَيْسَ فِيمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ حَسَنٌ فَيَكُونُ سَيِّئُهُ مَكْرُوهًا. لَكِنْ كُلُّ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ هُوَ سَيِّئَةً مَكْرُوهًا.
فَإِنْ سَأَلَ سَائِلٌ فَقَالَ: «كُلُّ» جَمَاعَةٌ فَلِمَ وُحَّدْتَ كَانَ؟
فَقُلْ: إِنَّ «كل» وإن كان معناه الجمع فلفظه الْوَاحِدُ فَلَكَ أَنْ تُوَحِّدَ عَلَى اللَّفْظِ، وَتَجْمَعَ عَلَى الْمَعْنَى، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} وَقَالَ: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا}.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لِيَذَّكَّرُوا}.
قَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ فِي كُلِّ الْقُرْآنِ «لِيَذْكُرُوا» خَفِيفًا ذَكَرَ يَذْكُرُ مِثْلَ دَخَلَ يَدْخُلُ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «لِيَذَّكَّرُوا» مُشَدَّدًا، وَكَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ، أَرَادُوا: لِيَتَذَكَّرُوا فَأَدْغَمُوُا التَّاءَ فِي الذال فالتشديد من أجل ذَلِكَ.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {عَمَّا يَقُولُونَ}.
قَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ «عَمَّا تَقُولُونَ»، ««كَمَا تَقُولُونَ» «تُسَبِّحُ» ثَلَاثَتُهُنَّ بِالتَّاءِ.
وَقَرَأَهُنَّ ابْنُ كَثِيرٍ بِالْيَاءِ، وَالْأَمْرُ بَيْنَهُمَا، قَرِيبٌ، لِأَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ: قُلْتُ لِزَيْدٍ:
فَعَلْتُ كَذَا، وَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُ فَعَلَ كَذَا، {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ}.
أَمَّا أَبُو عَمْرٍو فَإِنَّهُ قَرَأَ: «كَمَا تَقُولُونَ» بِالتَّاءِ، وَ «تُسَبِّحُ» بِالتَّاءِ، وَالْأَخِيرُ بِالْيَاءِ، وَشَاهِدُهُ قِرَاءَةُ أُبَيٍّ: «سَبَّحَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ» فَهُوَ يُؤَدِّي إِلَى التَّأْنِيثِ.