للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَصَلُوهَا بِ‍ «مَا» كَقَوْلِهِ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} وَلَا يَجُوزُ أَنَّ يَخْشَى وَ {رُبَّمَا يَوَدُّ} وَلَا تَقُلْ: رُبَّ يَوَدُّ.

وفي «رب» ست لغات: «رب»، «رب»، «رُبَّمَا»، وَ «رَبَّمَا»، وَ «رُبَمَا» مُخَفَّفًا وَ «رَبَّتَمَا» مُشَدَّدًا وَمُخَفَّفًا.

وَالْجَوَابُ الثَّالِثُ: أَنَّ «مَا» مَعَ يَوَدُّ مَصْدَرٌ، وَالتَّقْدِيرُ: رُبَّ وِدَادِ الَّذِينَ كَفَرُوا.

فَأَمَّا التَّفْسِيرُ فَقَالَ قَوْمٌ: إِذَا عَايَنَ الْكَافِرُ الْمَوْتَ يَوَدُّ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا وَقَالَ آخَرُونَ:

إِذَا عَايَنَ أَهْوَالَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَأْذَنُ فِي الشَّفَاعَةِ لِلْمُوَحِّدِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ الَّذِينَ أَدْخَلَتْهُمْ ذُنُوبُهُمُ النَّارَ فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ.

وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّمَا الْكَيِّسُ وَالْفَقِيرُ وَالْغَنِيُّ بَعْدَ الْعَرْضِ عَلَى اللَّهِ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ}.

قَرَأَ عَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ، «مَا تُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ» بِالتَّاءِ وَالضَّمِّ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَإِنَمَّا أَنَّثَ، لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ جَمْعٌ، وَتَأْنِيثُ الْجَمَاعَةِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ، فَلَكَ أَنْ تُؤَنِّثَ عَلَى اللَّفْظِ‍ وَتُذَكِّرَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ}. وَ «فَنَادَاهُ» وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي الْيَاءِ وَالتَّاءِ فَاجْعَلُوهَا يَاءً.

وقرأ حمزة، والكسائي وحفص عن عاصم «ما نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ» بِالنُّونِ وَبِنَصْبِ «الْمَلَائِكَةِ»، لِأَنَّهُمْ مَفْعُولُونَ، اللَّهُ تَعَالَى الْمُنَزِّلُ وَالْمُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا قَالَ:

{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: «وَمَا تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ» بِالتَّاءِ مَفْتُوحَةً وَرَفَعَ «الْمَلَائِكَةُ»» وَ «تَنَزَّلُ». فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ وَفِي اللَّتَيْنِ قَبْلَهَا فِعْلٌ مُضَارِعٌ وَ «الْمَلَائِكَةُ» رُفِعَ بِفِعْلِهِمْ، لِأَنَّ اللَّهَ لَمَّا أَنْزَلَ الْمَلَائِكَةَ نَزَلَتِ الْمَلَائِكَةُ، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} وَ «نَزَّلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينَ» فَالْمَصْدَرُ مِنْ نَزَلَ يَنْزِلُ نُزُولًا فَهُوَ نَازِلٌ، وَمِنْ أَنْزَلَ يَنْزِلُ إِنْزَالًا فَهُوَ مُنْزِلٌ وَمِنْ نَزَّلَ يَنْزِلُ تَنْزِيلًا فَهُوَ مُنَزِّلٌ، وَمِنْ تَنَزَّلَ يَتَنَزَّلُ تَنَزُّلًا فَهُوَ مُتَنَزِّلٌ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا}.

قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَحْدَهُ ««سُكِرَتْ» خَفِيفَةً أَيْ: سُجِرَتْ، كَمَا يُقَالُ: سَكَرْتُ الْمَاءَ في النهر.

<<  <   >  >>