الْبَرَكَةِ وَاللَّهُ مُتَعَالٍ وَلَا يُقَالُ: مُتَبَارِكٌ، لِأَنَّ اللُّغَةَ سَمَاعٌ وَلَيْسَتْ قِيَاسًا، فَإِذَا أَمَرْتَ رَجُلًا فَقُلْتَ: تَعَالَ يَا هَذَا سَقَطَتِ الْأَلِفُ لِلْأَمْرِ، وَالْأَصْلُ: ارْتَفِعْ ثُمَّ كَثُرَ فِي كَلَامِهِمْ حَتَّى صَارَ مَنْ فِي الْبِئْرِ يَقُولُ لِلَّذِي فَوْقَ: تَعَالَ: وَإِنَّمَا الْحُكْمُ لِمَنْ كَانَ عَلَى عَرْعَرَةِ جَبَلٍ أَنْ يَقُولَ لِمَنْ بِحَضِيضِهِ: تَعَالَ: وَلِلرَّجُلَيْنِ: تعاليا، وللرجال: تعالوا: وللمرأة، تعالي وتعاليا وتعالين {أُمَتِّعْكُنَّ}.
فَإِنْ سَأَلَ سَائِلٌ فَقَالَ: إِذَا أَمَرْتَ رجلا فقلت: تعال كيف ننهاه؟ فَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْعَرَبَ إِذَا غَيَّرَتِ الْكَلِمَةَ عَنْ جِهَتِهَا، أَوْ جَمَعَتْ بَيْنَ حَرْفَيْنِ، أَوْ أَقَامَتْ شَيْئًا مَقَامَ شَيْءٍ أَلْزَمَتْهُ طَرِيقَةً وَاحِدَةً، فَيَقُولُونَ: هَلُمَّ، وَلَا يَقُولُونَ: لَا تَهْلُمَّ، وَيُقَالُ: هَاتِ يَا رَجُلُ، وَلَا يُقَالُ: لَا تُهَاتِ، وَكَذَلِكَ: صَهْ وَمَهْ وَهَا يَا رَجُلُ، وَلَا تَنْهَى مِنْ ذَلِكَ، إِنَّمَا هِيَ حُرُوفٌ وَأَفْعَالٌ وُضِعَتْ لِلْأَمْرِ فَقَطْ فَجَرَى كَالْمَثَلِ لَا يُخَلْخَلُ عَنْ مَوَاضِعِهِ.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ}.
قَرَأَ خَارِجَةُ عَنْ نَافِعٍ «مِنْ وَالٍ» مُمَالًا، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ اسْمٍ كَانَ عَلَى فَاعِلٍ نَحْوَ عَابِدٍ وَكَافِرٍ وَجَائِرٍ جَازَتْ إِمَالَتُهُ، لِأَنَّ عَيْنَ الْفِعْلِ مَكْسُورَةٌ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ مُفَخَّمًا عَلَى أَصْلِ الْكَلِمَةِ، وَالْأَصْلُ: مِنْ وَالِي، مِثْلَ ضَارَبَ فَاسْتَثْقَلُوُا الْكَسْرَةَ عَلَى الْيَاءِ فَخُزِلَتْ، فَالْتَقَى سَاكِنَانِ الْيَاءُ وَالتَّنْوِينُ فَحُذِفَتِ الْيَاءُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، مِثْلَ: {مَا أَنْتَ قَاضٍ} وَ {وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ}.
وَأَجَازَ الْمَازِنِيُّ الْوَقْفَ عَلَى «وَالِي» وَ ««جَازِي» بِالْيَاءِ قَالَ: لِأَنَّ التَّنْوِينَ سَاقِطٌ فِي الْوَقْفِ.
وَالْبَاقُونَ بَنَوُا الْوَقْفَ عَلَى الْوَصْلِ، وَالْأَخْفَشُ مِثْلُهُ، وَابْنُ كَثِيرٍ مِثْلُهُ.
- قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ}.
قَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمٍ بِالْيَاءِ، لِأَنَّ تَأْنِيثَ الظُّلُمَاتِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ فَجَازَ تَأْنِيثُهُ، وَتَذْكِيرُهُ، مِثْلَ: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ}. لِأَنَّ جَمْعَ التَّأْنِيثِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ مِثْلَ: قَامَ النِّسَاءُ وَقَامَتِ النِّسَاءُ، وَكَمَا قَرَأَ شِبْلُ بْنُ عَبَّادٍ: «إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَاتُ الرَّحْمَنِ».
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ» بِالتَّاءِ وَهُوَ الِاخْتِيَارُ، لِأَنَّ الْجَمْعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute