- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنْ حُلِّيِهِمْ عِجْلًا جَسَدًا}.
قَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَاللَّامِ.
وَالْبَاقُونَ بِالضَّمِّ عَلَى أَصْلِ الْكَلِمَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْحُلِيَّ جَمْعُ حُلْيٍ مِثْلَ: حُقْوٍ وَحُقِيٍّ وَوَزْنُ حُلِيٍّ: فُعُولٌ وَالْأَصْلُ: حُلُويٌ فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ وَاوٌ وَيَاءٌ وَالسَّابِقُ سَاكِنٌ قَلَبُوا مِنَ الْوَاوِ يَاءً وَأَدْغَمُوا كَمَا تَقُولُ: شَوَيْتُ اللَّحْمَ شَيًّا، وَكَوَيْتُهُ كَيًّا، وَهَذِهِ عَشْرِيٌّ لَا عَشْرُوكَ، وَهَؤُلَاءِ زَيْدِيٌّ، فَذَهَبَتِ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ، وَقَلَبُوا مِنَ الْوَاوِ يَاءً وَأَدْغَمُوا.
وَأَمَّا مَنْ كَسَرَ فَقَالَ: «حِلِيِّهِمْ» فَإِنَّهُ اسْتَثْقَلَ الضَّمَّةَ مَعَ الْيَاءِ كَمَا تُسْتَثْقَلُ مَعَ الْكَسْرَةِ فَكَسَرَ الْحَاءَ الْمُجَاوِرَةَ اللَّامَ، وَمِثْلُهُ «عِتِيًّا»، وَ «جِثِيًّا»، وَ «بِكِيًّا».
وَقَرَأَ يَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ: «مِنْ حَلْيِهِمْ عِجْلًا جَسَدًا». بِفَتْحِ الْحَاءِ وَجَزْمِ اللَّامِ، جَعَلَهُ وَاحِدًا، وَالْجَسَدُ: الَّذِي لَا يَتَكَلَّمُ أَلَا تَسْمَعُ قَوْلَهُ: {أَلَّا يُرْجِعَ إِلَيْهِمْ قَوْلًا}. وَذَلِكَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالُوا لِمُوسَى {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا} أَيْ: صَنَمًا نَعْبُدُهُ كَمَا أَنَّ لِقَوْمِ فِرْعَوْنَ أَصْنَامًا عَمَدَ السَّامِرِيُّ، فَكَانَ مُطَاعًا فِي قَوْمِهِ، إِلَى حُلِيٍّ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمْ فَجَعَلَهُ عِجْلًا وَفَوَّهَهُ فَكَانَ يُصَوِّتُ إِذَا خَرَقَتْهُ الرِّيحُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: لَهُ خُوَارٌ.
وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ تَنَاوَلَ مِنْ أَثَرِ حَافِرِ فَرَسِ جِبْرِيلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُرَابًا فَلَمَّا اتَّخَذَ الْعِجْلَ أَلْقَاهُ فِي جَوْفِهِ فَكَانَ يَنْخُرُهُ.
وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا خَارَ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ لَمْ يَعُدْ.
وَاسْمُ فَرَسِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: حَيْزُومُ.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا}.
قَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ «تَرْحَمْنَا» بِالتَّاءِ خِطَابٌ لِلَّهِ تَعَالَى «رَبَّنَا» بِالنَّصْبِ عَلَى النِّدَاءِ الْمُضَافِ، تَقْدِيرُهُ: يَا رَبَّنَا، وَاحْتَجَّا بِحَرْفِ أُبَيٍّ «رَبَّنَا لَئِنْ لَمْ تَرْحَمْنَا».
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: «لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا» بِالْيَاءِ وَ «رَبُّنَا» بِالرَّفْعِ عَلَى الْخَبَرِ وَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْفَاعِلُ.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ ابْنَ أُمَّ}.
قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَّا حَفْصًا، وَابْنُ عَامِرٍ «أُمِّ» بكسر الميم عَلَى الْإِضَافَةِ مِنْ غَيْرِ يَاءٍ.
وَالِاخْتِيَارُ كَسْرُ الْمِيمِ، وَإِنْ تَثْبُتُ الْيَاءُ لِأَنَّ الْيَاءَ إِنَّمَا تَسْقُطُ مِنَ الْمُنَادَى نَحْوَ يَا قَوْمِ وَيَا عباد ويا رب، مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، فَالصَّوَابُ يَا ابْنَ أَخِي وَيَا ابْنَ أُمِّي، قَالَ الشَّاعِرُ: