للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ}.

قَرَأَ عَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ بِالْيَاءِ أَخْبَرَ عَنْ غَيْبٍ.

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ، فَمَنْ قَرَأَ بِالتَّاءِ فَالتَّقْدِيرُ: يَا مُحَمَّدُ: قُلْ لَهُمْ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالُوا نَعَمْ}.

قَرَأَ الْكِسَائِي وَحْدَهُ: «قَالُوا نَعِمْ» بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ، وَذَهَبَ إِلَى حَدِيثٍ روي عن رسول الله - صلى الله عليه وَسَلَّمَ -: «أَنَّ رَجُلًا لَقِيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِنًى فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَقَالَ: نَعَمْ، وَذَهَبَ إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَيْضًا: «أَنَّهُ سَأَلَ رَجُلًا شَيْئًا فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: قُلْ:

نَعِمْ، إِنَّمَا النَّعَمُ الْإِبِلُ».

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: «نَعَمْ» بِفَتْحِ النُّونِ وَالْعَيْنِ، وَهُمَا لُغَتَانِ: الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ «نَعَمْ» جَوَابُ الِاسْتِفْهَامِ، وَ «بَلَى» جَوَابُ الْجَحْدِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:

{أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}. وَلَا يَجُوزُ نَعَمْ هَاهُنَا: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى}.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}.

قَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ كَثِيرٍ بِرِوَايَةِ الْبَزِّيِّ، وَابْنِ عَامِرٍ «أَنَّ» بِالتَّشْدِيدِ، وَمَوْضِعُهُ نَصْبٌ بِالْفِعْلِ الَّذِي قَبْلَهُ.

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ» بِالتَّخْفِيفِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ قُنْبُلٌ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ، فَمَنْ خَفَّفَ فَلَهُ مَذْهَبَانِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُخَفِّفَ، كما قال: {ألا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ}. أَرَادَ:

أَنَّهُمْ، وَكَقِرَاءَةِ عَاصِمٍ وَنَافِعٍ «وَأَنْ كُلًّا»، أَرَادَ: وَأَنَّ كُلًّا، قَالَ الشَّاعِرُ:

وَصَدْرٍ مُشْرِقِ النَّحْرِ ... كَأَنْ ثَدْيَيْهِ حُقَّانِ

أَرَادَ: كَأَنَّ فَخَفَّفَ، فَهَذَا إِنْشَادُ الْبَصْرِيِّينَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَالْكُوفِيُّونَ إِذَا خَفَّفُوا رَفَعُوا:

فَقَالُوا: «كَأَنْ ثَدْيَاهُ» إِلَّا أَنْ يَكُونَ الِاسْمُ مَكْنِيًّا كَقَوْلِهِ:

فلو أنك في يوم الرخاء سألتني ... فراقك لَمْ أَبْخَلْ وَأَنْتِ صَدِيقُ

أَرَادَ: فَلَوْ أَنَّكِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَرَادَ {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ} أَيْ: لَعْنَةُ اللَّهِ فَ‍ «أَنْ» بِمَعْنَى «أَيْ» وَهَذَا حَكَاهُ الْخَلِيلُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَقَوْلِهِ: {أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا} أَيِ:

امْشُوا.

<<  <   >  >>