للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد حشدت هناك بنو عدي … ومرة قد تقدمها كلاب

فبزأما المليك بذاك عزا … وعند الله يلتمس الثواب

قال ابن إسحاق: وكانت الكعبة على عهد النَّبِيّ ثمانية عشر ذراعًا، وكانت تكسى القباطي، ثم كسيت بعد البرود، وأول من كساها الديباج الحجاج بن يوسف.

قلت: ولم تزل على بناء قريش حتَّى (احترقت) (١) في أول إمارة عبد الله بن الزبير (بعد) (٢) سنة ستين. وفي (آخر) (٣) ولاية يزيد بن معاوية، لما حاصروا ابن الزبير، فحينئذٍ نقضها ابن الزبير إلى الأرض وبناها على قواعد إبراهيم، عليه (الصلاة و) (٤) السلام، وأدخل فيها الحجر وجعل لها بابًا شرقيًا وبابًا غربيًا ملصقين بالأرض، كما سمع ذلك من خالته عائشة أم المؤمنين، () (٥) عن رسول الله . ولم تزل كذلك مدة إمارته حتَّى قتله الحجاج، فردها إلى ما كانت عليه بأمر عبد الملك بن مروان له بذلك، كما قال مسلم بن الحجاج في "صحيحه" (٦).

حَدَّثَنَا هناد بن السري، حَدَّثَنَا ابن أبي زائدة، (أخبرنا) (٧) ابن أبي سليمان، عن عطاء، قال: لما احترق البيت زمن يزيد بن معاوية حين غزاها أهل الشام، وكان من أمره ما كان، تركه ابن الزبير حتَّى قدم الناس الموسم يريد أن (يجرئهم) (٨) - (أو يحربهم) (٩) - على أهل الشام، فلما صدر الناس قال: يا أيها الناس، أشيروا علي في الكعبة، أنقضها ثم أبني بناءها أو أصلح ما وه منها؟ قال ابن عَبَّاس: (فإني) (١٠) قد (فرق) (١١) لي رأي فيها، أرى أن تصلح ما وهى منها، وتدع بيتًا أسلم الناس [عليه، وأحجارًا أسلم الناس] (١٢) عليها، وبعث عليها النَّبِيّ . فقال ابن الزبير: لو كان أحدهم احترق بيته ما رضى حتَّى يجدده، فكيف بيت ربكم ﷿؛ إني مستخير ربي ثلاثًا ثم عازم على أمري. فلما مضت ثلاث أجمع رأيه على أن ينقضها. فتحاماها الناس أن ينزل بأول الناس يصعد فيه أمر من السماء، حتَّى صعده رجل، فألقى منه حجارةً، فلما لم يره الناس أصابه شيء تتابعوا، فنقضوه حتَّى بلغوا به الأرض. فجعل ابن الزبير أعمدةً فستر عليها الستور، حتَّى ارتفع بناؤه. وقال ابن الزبير: إني سمعت عائشة رينقا، تقول: إن النَّبِيّ ، قال:


(١) كذا في سائر "الأصول"؛ وفي (ز) و (ض): "أحرقت".
(٢) في (ج) و (ل): "في".
(٣) ساقط من (ز) و (ض).
(٤) من (ض).
(٥) من (ز) و (ض).
(٦) في "كتاب الحج" (١٣٣٣/ ٤٠٢).
(٧) في "الصحيح": "أخبرني".
(٨) في (ل): "يخرجهم". وسقط من (ض).
(٩) كذا في (ج) و (ض) و (ك) و (ى). ووقع في (ز): "يحزبهم" بزاي بعدها باء موحدة؛ وفي (ن): "يجيرونهم"!! وفي "صحيح مسلم": "يحربهم" بالحاء المهملة بعدها راء مشددة مكسورة بعدها باء موحدة. قال السيوطي في "الديباج" (٣/ ٣٨١): "أي يغيظهم بما يرونه فعل بالبيت، من قولهم: حربت الأسد: إذا أغضبته، أو يحملهم على الحرب ويحضهم عليها. وروى بالحاء المهملة والزاي والباء الموحدة؛ أي: يجعلهم حزبًا له وناصرين له على مخالفيه".
(١٠) في (ل): "فإنه".
(١١) في سائر "الأصول": "خرق" بالخاء المعجمة، بعدها راء ثم قاف! وفرق، بضم الفاء؛ أي: كشف وبين. قال السيوطي في "الديباج": "وضبطه الحميدي بفتح الفاء، وفسره بمعنى: خاف". وغلطوه في ضبطه وتفسيره.
(١٢) ساقط من (ل).