للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الحسن (١): ﴿لَا تَقُولُوا رَاعِنَا﴾ قال: الراعن من القول: السخري منه؛ نهاهم الله أن يسخروا من قول محمد ، وما يدعوهم إليه من الإسلام.

وكذا روي عن ابن جريج أنه قال مثله.

وقال أبو صخر (٢): ﴿لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا﴾ قال: كان رسول الله إذا أدبر ناداه من كانت له حاجة من المؤمنين، فيقول: أرعنا سمعك، فأعظم الله رسوله أن يقال ذلك له.

وقال السدي (٣): كان رجل من اليهود من بني قينقاع يدعى رفاعة بن (زيد) (٤) يأتي النبي ، فإذا لقيه فكلمه قال: أرعني سمعك، واسمع غير مسمع. وكان المسلمون يحسبون أن الأنبياء كانت تفخم بهذا، فكان ناس منهم يقولون: اسم غير مسمع غير صاغر، (وهي) (٥) كالتي في "سورة النساء". فتقدم الله إلى المؤمنين أن لا يقولوا: راعنا.

وكذا قال عبد الرحمن (٦) بن زيد بن أسلم بنحو من هذا.

قال ابن جرير (٧): والصواب من القول في ذلك عندنا أن الله نهى المؤمنين أن يقولوا لنبيه : راعنا؛ لأنها كلمة كرهها الله تعالى أن يقولوها لنبيه نظير الذي ذكر عن النبي أنه قال (٨): "لا تقولوا للعنب: الكرم، ولكن قولوا: (الحبلة) " (٩)، و"لا تقولوا: عبدي، ولكن قولوا: فتاي" (١٠)؛ وما أشبه ذلك.

وقوله تعالى: ﴿مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ (يبين تعالى بذلك) (١١) شدة (عداوة) (١٢) الكافرين من أهل الكتاب والمشركين الذين حذر الله تعالى من مشابهتهم للمؤمنين، ليقطع المودة بينهم وبينهم، (وينبه) (١٣) تعالى على ما أنعم به على المؤمنين من الشبرع التام الكامل الذي شرعه لنبيهم محمد يقول تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم (١٠٤٨) وسنده ضعيف.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (١٠٤٩، ١٠٥٢) وسنده ضعيف لإعضاله، وأبو صخر هو حميد بن زياد الخراط، ثم هو متكلم فيه، فضعفه ابن معين في رواية والنسائي وقواه آخرون.
(٣) أخرجه ابن جرير (١٧٣٨). [وسنده حسن إلى السدي لكنه مرسل].
(٤) في (ل): "يزيد".
(٥) ساقط من (ج).
(٦) أخرجه ابن جرير (١٧٣٢) وسنده صحيح.
(٧) في "تفسيره" (٢/ ٤٦٣ - شاكر).
(٨) أخرجه مسلم (٢٢٤٨/ ١١، ١٢)؛ والبخاري في "الأدب المفرد" (٧٩٥)؛ والدارمي (٢/ ٤٣)؛ وابن حبان (٥٨٣١)؛ والطحاوي في "المشكل" (١٤٨٣)؛ والطبراني في "الكبير" (ج ٢٢/ رقم ١٤)؛ والبيهقي في "الشعب" (٥٢١٦ - بيروت) من طرق عن شعبة، ثنا سماك بن حرب، عن علقمة بن وائل، عن أبيه مرفوعًا. وفي الباب عن أبي هريرة .
(٩) في (ن): "الحلية"!!
(١٠) أخرجه البخاري (٥/ ١٧٧)؛ ومسلم (٢٢٤٩/ ١٥).
(١١) في (ن): "يبين بذلك تعالى".
(١٢) في (ك): "عداوته".
(١٣) في (ن): "ونبه".