للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو صالح ومالك عن زيد بن أسلم: ﴿إِذَا تَرَدَّى﴾ في النار (١).

﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (١٢) وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (١٣) فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (١٤) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (١٨) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (١٩) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (٢١)﴾.

قال قتادة: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (١٢)﴾ أي: نبين الحلال والحرام (٢)، وقال غيره: من سلك طريق الهدى وصل إلى الله (٣)، وجعله كقوله تعالى: ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾ [النحل: ٩] حكاه ابن جرير.

وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (١٣)﴾ أي: الجميع ملكنا وأنا المتصرف فيهما.

وقوله تعالى: ﴿فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (١٤)﴾ قال مجاهد: أي توهج (٤).

قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب، سمعت النعمان بن بشير يخطب يقول: سمعت رسول الله يخطب يقول: "أنذرتكم النار [أنذرتكم النار] (٥) " حتى لو أن رجلًا كان بالسوق لسمعه من مقامي هذا، قال: حتى وقعت خميصة كانت على عاتقة عند رجليه (٦).

وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثني شعبة، حدثني أبو إسحاق، سمعت النعمان بن بشير يخطب ويقول: سمعت رسول الله يقول: "إن أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة رجل توضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه" (٧). رواه البخاري (٨).

وقال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أُسامة، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله : "إن أهون أهل النار عذابًا من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل، ما يرى أن أحدًا أشد منه عذابًا وإنه لأهونهم عذابًا" (٩).

وقوله تعالى: ﴿لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (١٥)﴾ أي: لا يدخلها دخولًا يحيط به من جميع جوانبه إلا الأشقى ثم فسره فقال: ﴿الَّذِي كَذَّبَ﴾ أي: بقلبه ﴿وَتَوَلَّى﴾ أي: عن العمل بجوارحه وأركانه.


(١) أخرجه الطبري وعبد الرزاق بسند صحيح من طريق معمر عن قتادة؛ وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح.
(٢) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٣) ذكره الفراء (معاني القرآن ٣/ ٢٧١) والطبري.
(٤) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٥) زيادة من المسند.
(٦) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه. (المسند ٣٠/ ٣٤٨ ح ١٨٣٩٨) وحسن سنده محققوه.
(٧) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه. (المسند ٣٠/ ٣٦٢ ح ١٨٤١٣) وصحح سنده محققوه.
(٨) صحيح البخاري، الرقاق، باب صفة الجنة والنار (ح ٦٥٦١).
(٩) أخرجه مسلم بسنده ومتنه. (الصحيح، الإيمان، باب أهون أهل النار عذابًا ح ٢١٣/ ٣٦٤).